للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأكْلِ مِرَاراً حَتَّى يَظْهَرَ بِهِ تَعَلُّمُهُ* فَإنْ أَكَلَ المُعَلَّمُ نَادِراً لَمْ تَحْرُمْ تِلْكَ الفَرِيسَةُ عَلَى أَحَدِ القَوْلَيْنِ* فَإِنِ اعْتَادَ الأَكْلَ حَرُمَتِ الفَرِيسَةُ الَّتِي بِهَا ظَهَرَتْ عَادَتُهُ* وَهَلْ يَحْرُمُ مَا أَكَلَ مِنْهَا قَبْلَهُ فِيهِ وَجْهانِ* وَلَعْقُ الدَّمِ لَيْسَ كَالأَكْلِ* وَمَوْضِعُ عَضِّ الكَلْبِ يُغْسَلُ سَبْعاً وَيْعفَّرُ عَلَى وَجْهٍ* وَيُقَوَّرُ عَلَى وَجْهٍ وَيُعْفَى عَنْهُ عَلَى وَجْهٍ* وَفَرِيسَةُ الفَهْدِ وَالنَّمِرِ حَرَامٌ لأَنَّهُ لاَ يَتَأدَّبُ بِتَرْكِ الأَكْلِ* وَالبَازِيُّ أَيْضاً لاَ يَتْرُكُ الأكْلَ وَلَكِنْ إنْ صَارَ مُعَلَّماً فَفِي فَرِيسَتِهِ وَجْهَانِ لِأَنَّ جِنْسَ الطُّيُورِ لاَ بُدَّ لَهَا مِنْ جَارِحَةٍ* وَتَعْلِيمُ جَوَارحِ الطَّيْرِ بِتَرْكِ الأَكْلِ مُتَعَذِّرْ فَإِنَّهَا لاَ تَحْتَمِلُ الضرْبَ.

قال الرَّافِعِيُّ: يجوزُ الاصطيادُ بِجَوَارحِ السِّبَاعِ كـ"الكلب" و"الفَهْدِ" و"النَّمِرِ" وغيرِهَا (١)، وبجوارح الطُّيُورِ كـ"البَازِيِّ" و"الشَّاهِين" و"الصَّقِرِ" قال الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: ٤] وعَنْ عَدِيّ بنِ حاتمٍ -رضي الله عنه- أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَا عَلَّمْتَ مِنْ كَلْبٍ أَو بَازِ، ثُمَّ أَرْسَلْتَهُ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ -تَعَالَى- عَلَيْهِ، فَكُلُ مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ" وعن أحمَد: أنَّهُ استثنَى الكَلْبَ الأَسْوَد، وقالَ؛ لا يجوزُ الاصْطِيادُ به، ويُحْكَى عن أبي بكر الفَارِسِيِّ من أصحابِنا موافقته.

ويعني بجواز الاصطياد (٢) بها أن ما أَخذته وجَرَحْته وأَدْرَكَهُ صَاحِبها ميتاً، أو في حركةِ المَذْبُوحِ يحلُّ أَكْلُهُ.

ويقومُ إِرْسَالُ الصائد، وجرحُ الجارح في أي مَوْضِعٍ كانَ مَقَامَ الذَّبْحِ في المقدور عليه. وأما الاصْطِيادُ، بمعنى إثباتِ اليَدِ عَلى الصَّيْدِ، وضبطه، فلا يختصُّ بالجوارح [بلا خلاف] (٣) بل يَجُوزُ بأي طريق تَيَسَّرَ.

ثم ذَبْحهُ كذبح الحيواناتِ الإنْسِيَّةِ، ويشترط لحل ما قَتَلَتُهُ الجَوَارحُ أن تكون الجارحة مُعَلَّمةً، فإن لم تكنُ مُعَلَّمةً لم يَحلَّ، وإن ما أدركَهُ وفيه حَيَاةٌ مستقرةٌ، فلا بُدَّ من ذَبْحِهِ، روِي عن أبي ثعلبةَ الخشني -رضي الله عنه- قال: قلتُ: يا رَسُولُ الله: إني أَصِيدُ بكلبي المُعَلّم، وبكلبي الذي ليس بِمُعَلّم، فقالَ: "مَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ المُعَلَّم، فَاذْكُرَ اسْمَ اللهِ عَلَيهِ وَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ فَأدْرَكَتْ ذَكَاتَهُ فَكُلْ" (٤).

واعتبرُوا في صَيرُورَةِ الكَلْبِ فعَلَّماً ثلاثة أمور:


(١) لقوله تعالى {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ}.
(٢) في ز: الصيد.
(٣) سقط في ز.
(٤) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>