للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسحاق يَحِلُّ لأنه وجَد القصد إلى الفعل، وحصَل القتلُ] (١) بذلك الفِعْلِ، ولو قطَع ما ظَنَّهُ ثوباً ونحوَهُ بأنْ كانَ في ظُلْمَةٍ -فكانَ عُنْقَ شَاةٍ، وانقطَعَ الحُلْقومُ والمريءُ- حلَّتِ الشاةُ، نصَّ عليه الشافِعِيُّ -رضي الله عنه- وعن ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وجهٌ: أنَّهُ لا يَحِلُّ؛ قاله في "البَحْرِ". ولو أَرسلَ كَلْباً إلى شَاخِصٍ ظنَّها حَجَراً فبان صَيْداً فوجْهَانِ:

أَصحُّهمَا: أنَّه يحِلُّ كمَا في رَمْيِ السَّهم.

الثَّانِي: المنْعُ؛ لأنَّ للكلْب اختياراً، ولو رمَى إلى شاخص ظنَّه آدَمِيّاً مَعْصُوماً فكانَ صيداً، وفرعنا على ظاهرِ المَذهبِ لو ظنه حَجَراً وهو أنَّه يحِلّ فوجهان:

أَصَحُّهُمَا: أنَّ الجوَابَ كذلك؛ لأنَّه قد قَصَدَ العَيْنَ وأَصَاب، وإنَّما الخطأُ في جِنْسِ المرمي إليه.

والثَّانِي: أنَّه لا يحِلُّ؛ لأنَّه لم يَقصد صيداً حَلاَلاً بل قصد فِعلاً مُحَرَّماً فلا تحصل (٢) به الاستباحَةُ. ولو ظنَ الشاخِصَ خِنْزِيراً، أو حيواناً آخرَ مُحَرَّماً [ففي وَجُهانِ مُرَتَّبَانِ، وأَوْلَى بالحِلِّ؛ لأن المحرَّمَ لحمُ الخِنْزير دُونَ قَتْلِه، وإهْلاَكِه.

ولو ذَبَحَ حَيَواناً في ظُلْمة فَظَنَّه خِنْزِيراً أو حيواناً آخر محرماً] (٣) فتبيَّنَ أنَّهُ ذَبَحَ شَاةٌ؛ قال في"النِّهايةِ" الوجْهُ عندي: القطْعُ بحلِّها؛ لقُوَّةِ الفِعْل، وأنَّه في حُكْمِ التعاطِي والرمِي ولا يحكُم عليه بإصابَةٍ.

قال ولو رمَى إلى شَاخِصٍ، ولم يغلبْ على ظَنِّهِ شيءٌ منْ حالهِ واستوت عنده الجائِزات فتبين كونُه صَيْداً -فقد أشارَ شَيْخِي إلى وَجْهَيْنِ ورَتَّبَهُمَا على ما إِذَا ظنَّه خِنْزِيراً- والوجهُ القطعُ بالحلِّ كما لو حسِبَه حجراً.

وقولُه في الكتابِ الثانية: "قصَد جِنْسَ الحيوانِ" المقصُودُ من السِّيَاقِ المذكورِ تَرْتِيبُ مُتَعلّقاتِ القصْدِ، وبيانُ ما يُعتبر [مِنْهَا ومَا لاَ يُعْتَبَرُ عَلَى ما فِيها من الوِفَاقِ والخِلاَفِ لأنَّ جَمِيعَها مُعْتَبر] (٤)، وكيفَ وقد بينَ في الفَصْلِ أنَّ الظاهرَ فِيمَا إذَا رمَى إلى شَاخِصٍ ظنَّه حجراً فكانَ صَيْداً [يحلُّ أكْلهُ] (٥)، وأنَّه لو قَطعَ ما ظنَّهُ ثَوْباً فكانَ حلْقَ شاة يحلُّ، ولم يوجد قَصْدُ جِنْسِ الحيوانِ وفِيمَا إذا رَمَى سَهماً [حيث لا يرجُو الصيدَ، ليس إلا التحرِيمُ؛ لأنه لم يقصِدْ جِنْس الحَيوانِ، بل لأنه] (٦) لم يقصدْ بفعلهِ مُعَيَّناً ولا مُبْهَمَاً.


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: تحل.
(٣) سقط في ز.
(٤) سقط في ز.
(٥) في أ: الحل.
(٦) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>