للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المِلْكِ؛ لأن التحجرِ للأحْياءِ، والتملك وبناء الدار (١) لاَ يُقْصَدُ به تملك الصيد (٢) الوَاقِع فيها ولو قصدَ ببناءِ الدَّارِ تَعْشِيشَ الطائِرِ فعشَّشَ فيها طائِرٌ -ففي مِلْكِ البيضِ والفرْخِ وجهانِ: في وجْهٍ: يملِكُ؛ لوجودِ القَصْدِ.

والثَّانِي: لاَ لضعف القصْدِ فإنه خِلافُ العادَةِ الغاليةِ، ولو قَعَت الشبكةُ من يَده من غَيْرِ قَصْدٍ تَعَقَّلَ بها صَيْدٌ فوجهان أيضاً:

نَنْظُرُ في أَحدِهِمَا: إلى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ، وفي الثاني: [إلى أنه يعقِّلُ] (٣) تَملّكُهُ وحصلَ الاستيلاءُ عليه، والأَوْفَقُ لما أَطْلقُوه اعتبارُ القصدِ حتى لا يملِكَ في وقُوعِ الشبكةِ مِنْ يدهِ، ويملِكُ في بِنَاءِ الدارِ على قَصْدِ التَّعْشِيشِ.

الثَّالِثَةُ: ذكر أَنَّهُ لو أَلْجأَ الصيْدَ إلى مَضِيقٍ لا مخلصَ لهُ منه -ملكه، وكذَا لو اضْطَرَّ السمكةَ إلى بِرْكَةٍ صغيرةٍ [أو حوض صغير] (٤) على شَطِّ النهْرِ والصغير هو الذي يسهل أخذُها منه، ولو دخلَت بنفسِها -عاد الخلاف المذكورُ فيمَا إذَا دخل الصَّيْدُ في مِلْكِه.

فإنْ قُلْنَا: لا يملِكُه بالدخُولِ وهو الأَصَحُّ، فلو سَدَّ منافِذَ البِرْكَةِ فقد تسبَّبَ إلى ضَبْطِ السَّمَكَةِ فيملِكها ولو اضْطَرَّهَا إلى بِرْكة وَاسِعَةٍ يَعْسُرُ أخذُ السَّمَكةِ مِنْهَا، أو دخلَتها السمكةُ فسدَّ مَنَافِذَهَا -فلا يُحْكَمُ له بالملكِ لكنَّه حصلَ نوعُ انحصارٍ بفعْلِهِ فَيُثْبَتُ له اختصَاصٌ كاختصاصِ المتحجر.

ولو دخَلَ رجلٌ بُسْتَان غيرِه، واصْطَاد منه طائِرًا -ملكه بلا خِلاَفٍ، ولا يثبت لصاحبِ البُسْتانِ حُكْمُ المتحجرِ؛ لأنَّ البُسْتَانَ لا يتضمَّنُ ضبطَ الطائِر.

وأَمَّا لفْظُ الكِتَابِ، فَاعْلَمْ أنَّ أَسْبابَ المِلْكِ لا تختلفُ بحالةِ الاجتماعِ والانفرادِ بل تشتركُ فِيهَا الحالتَانِ، والتفاوُتُ يرجِعُ إلى المالكِ وقد تَكَلَّمِ صاحبُ الكتابِ في أَسْبابِ الملك في الفَصْل المُتَرْجَم بحالةِ الانْفِرَادِ، وكانَ الأَحْسَنُ أَنْ يُبَيِّنَ [أسبابَ] (٥) المِلْكِ، ثم يتكلَّمُ فيما يتعلَّق بالانفِراد والاشتراكِ.

وقَوْلُهُ: "بإبطال مِنْعَتِه" المنعةُ هو القُوَّةُ المانِعَةُ، يُقالُ: هم في عِزٍّ ومِنْعة.

وقولُهُ: "لأنه لم يقصِدْهُ"، وإنَّمَا المِلْكَ (٦) عند اجتماع القَصْدِ والعادَةِ" يَعْنِي أَنَّ المِلْكَ إِنَّما يحصلُ بلا خلافٍ، إذَا قصد الصَيدَ وسلكَ طرِيقًا يُعْتاد (٧) تحصيلُه. فأمَّا إذَا


(١) في ز: نفيًا للصيد.
(٢) في ز: الملك للصيد.
(٣) في ز: يقبل.
(٤) سقط في ز.
(٥) في ز: سبب.
(٦) في ز: التمليك.
(٧) في ز: معتادًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>