للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكرَ الرُّويَانِيُّ في "التجربة" أنَّ الشافِعِيَّ -رضي الله عنه- نَصَّ في المبسُوطِ على زَوَالِ المِلْكِ، وغلّطَ مَنْ قَالَ غيرَهُ إلاَّ أنَّه شرط في التصوِيرِ أن يخليه على قَصْدِ إخراجِهِ من مِلْكِهِ وإلحاقِهِ بالوحْشِيّ، وإنْ قُلْنَا بالوجْهِ الثَّانِي، فلا يجوزُ لغيرِه أنْ يَصِيده إذا عرفه، فإنْ قال عند الإرسالِ أبحتُه لمن يأخذُه -حصلتَ الإِبَاحةُ، ولا ضمانَ على مَنْ أكلَهُ لكنَّه لا ينفذ تصرفه فيه.

وإن قُلْنَا بالوجهِ الثالثِ المفصَّلِ: أَرْسَلَهُ تقرُّبًا إلى الله تعَالى: فهل يَحِلُّ له اصْطِيادُه؟ فيه وَجْهَانِ:

أَحدُهُما: ويُحْكَى عن ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ -نَعَمْ؛ لأنَّه لا يعُود إذا زالَ المِلْكُ عنه إلى حُكْمِ الإباحةِ.


= الثانية: إذا كان للطائر فرخ يموت بحبسه فينبغي وجوب الإرسال صيانة أو وجه ويشهد له حديث الغزالة التي أطلقها النبي -صلى الله عليه وسلم- من أجل أولادها لما استجارت به -صلى الله عليه وسلم- وهو حديث حسن وقد صرح الأصحاب بأنه يجب إنظار الحامل الواجب عليها القصاص أو الرجم حتى تضع. وقال الشيخ أبو محمد: يحرم ذبح الحيوان المأكول إذا كان حاملاً بغير مأكول وعلله بأن في ذبحه قبل ما لا يحل ذبحه وهو الحمل.
الثالثة: إذا كان معه طائر أو حيوان لم يجد ما يذبحه به ولا يطعمه فإرساله واجب لأنه يسعى في طلب رزقه ويدل عليه حديث المرأة التي حبست الهرة فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض.
الرابعة: إذا أراد الإحرام فإنه يجب عليه الإرسال ثم قال ولا يخفى أن صورة الإرسال فيما إذا كان المالك مطلق التصرف، فأما الصبي ونحوه أو المحجور عليه بسفه أو فلس أو مكاتب لم يأذن سيده لم يزل ملكه قطعاً.
قال: هذا حكمه في المأكول. أما غير المأكول فأنواع:
أحدها: ما نهى عن قتله كالهدهد والخطاف وهذا النوع يحتمل أن يقال بوجوب إرساله على من أمسكه لأنه طائر يحرم التعرض له بالاصطياد فيحرم حبسه كصيد الحرم والإحرام، وقد عمت البلوى من العوام بصيد الهدهد والخطاف وبيعها وهو حرام من ثلاثة أوجه إلى آخر ما ذكره في هذا الاعتراض نظر لاختلاف العلماء في الإباحة وسيأتي في باب الأطعمة أن الأرجح التحريم في الهدهد. وقال في الخادم: في هذا الترجيح نظر وقد سبق عن الخطابي أن النهي عنه تكريم لا لأنه حرام وقد صرح بأكله الروياني في البحر به ونقله عن النص ثم قال: وأشار في شرح المهذب إلى ترجيحه وإذا كان الأمر كذلك فكيف ينكر اصطياده واختلف أيضاً في إباحة الخطاف والإذكار إنما يكون في المتفق على المنع فيه. فليتأمل والله أعلم.
قال: ومنها نوع يستحب قتله كالغراب الأبقع والحدأة فهذا يستحب قتله ويكره إرساله. وأما حبسه على وجه الاقتناء فحرام كالكلب العقور وقد صرح الأصحاب بمنع اقتناء الفواسق الخمس.
ومنها: نوع ينتفع بصورته ولونه كالطاووس والببغاء فهذا النوع يجوز حبسه للانتفاع به وقد صرح الرافعي بجواز بيعه لهذا الغرض وأما الطير المأكول فيجوز حبسه مطلقاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>