للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحيازةُ الثَوابِ تحصلُ بإِرَاقَةِ الدم بنية القُرْبةِ.

قال الله تَعَالَى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}.

ونسب ابنُ القاص هذا الوجْهَ إلى النصِّ، وحكاه الموفقُ ابْنُ طاهرٍ، عن أَبِي حَنِيفةَ.

وأَصحهُّمَا: أنه لا بُدَّ من التصدُّقِ بقدر ما يَنْطَلِقُ عليه الاسمُ لقوله تعالى: {وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: ٢٨] ولأنَّ المقصودَ الإرفاقُ بالمسَاكِينِ، ولا يحصلُ ذلك بمجرد الإراقَةِ، وعلى هذا فلو أَكَل الجميعَ، ضمن، وما الذي يضمن؟ عن رواية القَاضِيَيْن: ابْنِ كج، والماوردي، أنه يَضمَنُ الكُلَّ بأكثر الأَمْرَيْن من قِيمَتِهما، ومثلها؛ لأنه يَأكُلِ الكُلِّ عَدَلَ عن حُكْمِ الأُضْحية فكأنه أَتْلَفَها، وينسب هذا إلى أَبِي إِسْحَاقَ، وابْنِ أَبِي هُريْرة، وعلى هذا فينَبغي أنْ يذبَحَ البدلَ في وقْتِ التضحية فلو أَخَّره عن أَيَّامِ التشرِيقِ، ففي إجزائِه وَجْهانِ: وجهُ المنْعِ بالقياسِ على تَأْخِير ذبح الأَصْلِ.

والآخَرُ بأنَّ إراقةَ الدَّم في وقْتِ التضحية، والمقْصُودُ من البدل تَدارُكُ الإطعام، وهل يجوزُ أن يأكُلَ من البدلِ؟ ذكر فيه وَجْهين، والظاهِرُ المشهورُ: أنه لا يُغرَّمُ الجمِيعَ ويعتد بإراقَةِ الدم، وعلى هذا فكم يُغَرَّمُ؟

فيه وجهان، أو قولان:

أَصحُّهمَا: القدْرُ الذي كان يجوزُ الاقتصارُ على التصدُّقِ به ابتداءً.

والثَّاني: القدْرُ الذي لا يُسْتحب أن يَنْقُصَ التصدُّقُ عنه وهو النِّصْفُ أو الثُّلثُ على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى.

وبنوا الخلافَ على الخلافِ: في أنه إذا دفع أحد سهمان الزكاة إلى اثنين يغرم أقَلَّ ما يتموَّلُ؛ لأنه لو دفعه إلى الثالثٍ في الابتداءِ لجازَ أو الثلث لأنَّ المُسْتحبَّ في الابتداءِ التسويةُ، وذكر القاضي الرُّوَيانِي في "البَحْر" أن ما يَضْمَنُه على الوجْهينِ لا يتصدَّقُ به ورِقاً، وهل يلزمُه صرفُه إلى شِقْصٍ من أضحية، أو يكْتَفِي بصرْفِه إلى اللحم، وتَفْرِقته؟

فيه وَجْهانِ: وعلى الوجهين يجوزُ تأخِيرُ الدفعِ أو التفريقُ عن أيام التشريقِ؛ لأن الشَّقْصَ ليس بأُضْحية فلا يُعْتَبرُ فيه وقْتُ الأُضْحية، ولا يجوزُ أَنْ يَأْكُلَ منه.

الثانيةُ: الأفْضَلُ [والأحْسَنُ] (١) التصدَّقُ بالجمِيعِ، والتبرُّكُ بأَكْل لُقْمةٍ.


(١) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>