للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُحِلُّ الحِمارَ الوحشيَّ؛ لما رُوِيَ عن أبي قتادة -رضي الله عنه- أنه رأى حماراً وحشياً في طريق مكةَ، فقتله، فأكل منه بعضُ أصحابِ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- وأبى بعضُهم؛ لأنهم كانوا محرمين، فسألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إنَّمَا هِيَ طُعْمَةٌ أطْعَمَكُمُوهَا اللَّهُ فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ" (١)، والبِغال كالحُمُرِ الأهليَّةِ، ولا تحرم الخيل، وبه قال أحمد؛ لما رُوِيَ عن جابر -رضي الله عنه- أنه قال: ذَبَحْنَا يَوْمَ خَيبَرَ الخَيْلَ، والبِغَالَ، والحَمِيرَ، فنهانا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عن البِغَالِ والحَمِيرِ، ولم ينهنا عن الخَيْل (٢)، وعن جابر -رضي الله عنه- أيضاً: أَطْعَمَنَا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لُحُومَ الْخَيْلِ وَنَهَانَا عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ (٣).

وعن أسماءَ -رضي الله عنها- قالت: ذَبَحْنَا على عَهْدِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحْنُ بالمدِينَةِ فَرَساً، فأكَلْنَاهُ (٤).

وَوُجِّهَ تحريم البَغل أيضاً بأنه متولِّد من حلال وحرام، فيغلب فيه التحريم، ولا فَرْقَ بين أن يكونَ الحرامُ من أصلية الذكر أو الأنثى، وما يتولَّد من الحمار الوحشي والفرَسِ حلالٌ لِحِلِّ الأصلَيْن.

وعن أبي حنيفةَ: أن لحمَ الخيل حرامٌ، ويُرْوَى عنه: أنه مكروه يتعلَّقِ الإثم به، ولا يُطْلَق القول بالحرمة.

وعن مالكٍ: كراهيةُ لحُوم الخيل (٥).


(١) متفق عليه، وقد تقدم في باب محرمات الإِحرام.
(٢) رواه أبو داود [٣٧٨٨] وابن حبان في صحيحه.
(٣) رواه الترمذي [١٧٩٤] والنسائي من حديث عمرو بن دينار عنه [٧/ ٢٠٥]، ورجاله رجال الصحيح، وأصله متفق عليه [البخاري ٤٢١٩، ومسلم ١٩٤١] وله طرق في السنن.
(٤) متفق عليه (البخاري ٥٥١٠ - ٥٥١١ - ٥٥١٢ - ٥٥١٩، ومسلم ١٩٧٤٢) بزيادة، ونحن بالمدينة، وزاد أحمد [٦/ ٣٤٥] فيه: نحن وأهل بيته.
(٥) قال بحلها جمهور الفقهاء، روي ذلك عن أبي الزبير، والحسن وعطاء، والأسود بن يزيد، ويه قال الشَّافعي، وأحمد، والليث، وابن المبارك، وأبو ثور، وإسحق، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وداود، وغيرهم. وكرهها طائفة. منهم ابن عباس، والحكم، ومالك، وأبو حنيفة.
قيل والكراهة عند أبي حنيفة للتحريم، وقيل للتنزيه، والأولى أصح.
احتج الجمهور بالمنقول والمعقول:-.
إما المنقول: فمنه ما روي في الصحيحين عن جابر رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن في لحوم الخيل" متفق عليه ومنه ما روي في الصحيحين أيضاً عن أسماء رضي الله عنها قالت: "نحرنا فرساً على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأكلناه ونحن بالمدينة" متفق عليه أيضاً.
أما المعقول: فلأنه حيوان طاهر مستطاب، ليس بذي ناب ولا مخلب، فيحل: قياساً على بهيمة الأنعام. =

<<  <  ج: ص:  >  >>