للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- "نَهَى عَنْ قَتْلِ الخَطَاطِيفِ" (١) والمشهور أنه حرام، وحَكَى أبو عاصم العباديُّ عن محمَّد بن الحسن أنه حلال؛ لأنه يتقوَّت بالحلال غالباً، قال: وهذا محتملٌ على أصلنا، وإليه مال كبراءُ أصحابِنا، ومنه الصُّرَدُ (٢)، وفيه وجهان:

أظهرهما: وهو المذكور في الكتاب: أنه حرام؛ للنهي عن قتله.

والثاني: لا يَحْرُم؛ أخذاً بالأصل، والنهي ليس للتحريم، بل لأن العَرَبَ كانت تتشاءم، به ومنه النملة (٣)، والنحلة، وهما حرامان؛ لورود النهي عن قتلهما، وأيضاً، فهما من الحشرات المستخبثة وأجرى الشيخ أبو عاصم الخلاف فيهما، وفي الهُدْهُدِ وجهان مذكوران في الكتاب، كما في الصُّرَدِ، ويقال قولان؛ لأنه حَكَى عن نص الشافعيِّ -رضي الله عنه- إيجاب الفداء فيهما، وعنْده: لا يجب الفدية إلا في المأكول، والأظهر التحريم، وبه قال صاحب "التلخيص". وأبو علي الطبريُّ، ومما نُهِيَ عن قتله الخُفَّاش، ولم أجد فيه إلا التحريمَ، وقد يجري الخلاف فيه، وفي اللَّقْلَقِ (٤) وجهان:

أحدهما: وإليه ميلُ الشيخ أبي محمَّد: أنه حلال كالكُرْكِيِّ (٥)، وجعله صاحب الكتاب الأظهر، وفي "التهذيب": أن الأصحَّ التحريمُ، وهو الذي أورده أبو عاصم


(١) تقدم في الحج.
(٢) قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح هو مهمل الحروف على وزن جعل وكنيته أبو كثير وهو طائر فوق العصفور يصيد العصافير والجمع صردان قاله النضر بن شميل وهو أبقع ضخم الرأس يكون في الشجرة نصفه أبيض ونصفه أسود ضخم المنقار له برثن عظيم يعني أصابعه عظيمة لا يرى إلا في سعفة أو شجرة لا يقدر عليه أحد وهو شرس النفس شديد النفرة غذاؤه من اللحم وله صفير مختلف يصفر لكل طائر يريد صيده بلغته فيدعوه إلى التقرّب منه فإذا اجتمعوا إليه شدّ على بعضهم وله منقار شديد فإذا نقروا واحداً قدّه من ساعته وأكله ولا يزال هذا دأبه ومأواه الأشجار ورؤوس القلاع وأعالي الحصون. ينظر: حياة الحيوان ٢/ ٧٣.
(٣) المراد به النمل الكبير المعروف بالسليماني كما ذكره الخطابي والبغوي في شرح السنة وأما النمل الصغير المسمى بالذر فإنه يجوز قتله وتقدم ذلك في الحج مع زيادة.
(٤) طائر أعجميّ طويل العنق وكنيته عند أهل العراق أبو خديج وعبر عنه الجوهري بالقاف وهو اسم أعجميّ قال وربما قالوا اللغلغ والجمع اللقالق وهو يأكل الحيات وصوته اللقلقة وكذلك كل صوت فيه حركة واضطراب ويوصف بالفطنة والذكاء قال القزوينيّ في الأشكال قال الرئيس من ذكاء هذا الطائر أنه يتخذ له عشين يسكن في كل واحد منهما بعض السنة وأنه إذا أحس بتغير الهواء عند حدوث الوباء ترك عشه وهرب من تلك الديار وربما ترك بيضه أيضاً قال ومما يتوصل به إلى طرد الهوامّ اتخاذ اللقلق فإن الهوامّ تهرب من مكان هو فيه لفزعها منه وإذا ظهرت قتلها ينظر: حياة الحيوان ٢/ ٣٧٥.
(٥) مفرد جمحه الكراركيّ، وهو طَائِرٌ كَبيرٌ أَبْيضُ يُشْبِهُ طَيْرَ المَاءِ، يَنْتَجِعُونَ البلاَدَ قِطَعاً قِطَعاً، وَإِذَا بَاتُوا فِي مَكَانِ: قِيلَ: إِنَّهُمُ يَحْرُسُهُمُ أَحَدُهُمُ، فإِذَاَ أَحَسَّ شَيْئاً صَاحَ بِهِمْ ينظر: النظم ١/ ٢٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>