للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا كله إذا كان قد تشهد على قصد التشهد الأخير، وهو المراد من مسألة الكتاب، فأما إذا تشهد على ظَنِّ أنه التشهد الأول عاد الوجهان في تأدي الفرض بنية النفل (١) إن قلنا: يتأدى ففيه الخلاف المذكور، وإن قلنا: لا يتأدى فيجب إعادة التشهد بلا خلاف.

وإذا عرفت ما ذكرناه تبين لك أنه لم قال: القياس أنه لا يتشهد، والنص أنه يتشهد لكن في اللفظ شيئين:

أحدهما: أنه سلم أن النص أنه يتشهد، وأصحاب الوجه الأول لم يسلموا ذلك بل منهم من يمنع دلالته عليه، ومنهم من أوله.

والثاني: أن قوله في مقابلته القياس: أنه لا يتشهد إنما يذكر مثله في إبداء الشيء على سبيل الاحتمال، وهو منقول منصوص عليه من جهة معظم الأصحاب، والله أعلم.

قال الغزالي: (السَّادِسُ) إِذَا شَكَّ فِي أَثْنَاءِ الصَّلاَةِ أَخَذَ بِالأَقَلِّ (ح) وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ السَّلاَمِ فَقَوْلاَنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَقُومَ إِلَى التَّدَارُكِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ، وَالثَّانِي: أنَّهُ لاَ يُعْتَبَرُ بَعْدَ الفَرَاغِ لِمَا فِيهِ مِنَ العُسْرِ، وَإِنْ لَمْ يَشُكَّ إِلاَّ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ، فَالقِيَاسَ (٢) أنَّهُ لاَ يُتَلَفَّتُ إِلَيْهِ.

قال الرافعي: ليس في هذا الموضع السادس سهو محقق، فكأنه أراد بقوله أولاً: (ومواضع السهو ستة مواضع سجود السهو) ثم ليس ذلك على سبيل العصر، بل الصور المفردة التي يشرع فيها السجود تزيد على أضعاف هذا العدد، ويمكن التقسيم الجملي على وجه ينتقص عنه.

وقوله: (إِذَا شك في أثناء الصلاة) يعني في عدد الركعات، وسبب الأخذ بالأقل وسجود السهو قد ذكره في الكتاب بعد هذا، وأعاد المسألة كما سنشرحها، وليعلم قوله: (أخذ بالأقل) بالحاء والألف لما سيأتي، وإن وقع الشك في عدد الركعات، أو في ترك ركن من الأركان بعد السلام، فينظر إن لم يطل الزمان ففيه قولان:

أحدهما: أنه يشتغل بالتدارك ويسجد للسهو كما لو وقع الشَّكُّ في أثناء الصَّلاَةِ؛ لأن الأصل أنه لم يفعله، وأيضاً فلأنه لو تيقن بعد السلام ترك ركن، أو ركعة ولم يطل


(١) قال النووي: الأصح: أنه لا يحتاج إلى إعادته، وبه قطع كثيرون، أو الأكثرون -والله أعلم- روضة الطالبين (١/ ٤١٣).
(٢) في ط فالصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>