للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل يتدارك كما لو كان ذلك قبل السلام، فكذلك يتساويان في حكم الشَّكِّ؛ وأظهر هما أنه لا عبرة بهذا الشك، لأن الظاهر أن ختم الصلاة كان على تمام الركعات والأركان، ولو اعتبر الشك الطارئ بعد الفراغ لعسر الأمر على الناس، وفي المسألة طريق آخر وهو القطع بهذا القول الثاني، فليكن قوله: (فقولان) معلماً بالواو لذلك، ولفظ الكتاب وإن لم يصرح بوضع القولين فيما إذا لم يطل الزمان لكنه اشتمل على ما يبين ذلك. ألا ترى أنه قال بعد القولين: (فإن لم يشك إلا بعد طول الزمان) فأفهم أنهما فيما إذا لم يطل، وإن طال الزمان ثم شك ففيه طريقان حكاهما في "النهاية".

أحدهما: طرد القولين.

وأصحهما: القطع بأنه لا عبرة بالشِّكِّ بعده؛ لأن الإنسان بعد طول المدة تكثر تردداته وشكوكه فيما مضى من أفعاله، ولو اعتبر ذلك لكان الطريق أن يؤمر بالقضاء، ومثل هذا الشك غير مأمون في القضاء أيضاً.

وقوله: "على الصحيح" أي: من الطريقين، وبه قال الشيخ أبو محمد، ويجوز أن يريد من القولين جواباً على الطريقة الأولى، وإذا لم يفصل بين طول الزمان وقصره، قلت: في الشَّكِّ الطارئ بعد الفراغ طريقان:

أحدهما: أنه لا يعتبر بحال.

والثاني: وهو المذكور في "الوسيط" فيه ثلاثة أقوال:

أصحها: الفرق بين أن يطول الزمان فلا يعتبر، وبين أن لا يطول فيعتبر.

فإن قلت: وبم يضبط الزمان الطويل، ويميز عن غير الطويل؟ وهذا البحث يحتاج إليه هاهنا، وفيما إذا تيقن أنه ترك [ركعة] (١) أو ركناً بعد السلام؛ فإن الحكم فيه يختلف بطول الزمان وقصره على ما سبق؟

فالجواب: أنه حكي عن البويطي أن الطويل ما يزيد على قدر ركعة، وبه قال أبو إسحاق المرْوزي. وعن ابن أبي هريرة أن الطويل قدر الصلاة التي كان فيها، والأظهر أن الاعتبار فيه بالعرف والعادة، ويحكى ذلك عن [الأم] (٢) وإذا جوزنا البناء فلا فرق بين أن يتكلم بعد السلام ويخرج من المسجد ويستدبر القبلة، وبين أن لا يفعل ذلك.

وقيل: القدر الذي نقل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الفصل محتمل فإن زاد فلا، والمنقول أنه قام ومضى إلى ناحية المسجد، وراجع ذا اليدين، وسأل الصحابة فأجابوا.


(١) في أسجده.
(٢) في أالإمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>