أبوه علي بن أبي هريرة والطبري: أنا إن جعلناه ميتة، فيدع الصيد ويأكل الميتة بلا خلاف، وإن قلنا: لا يصير ميتة، فقولان، ولا يخفى توجيههما مما ذكرنا، وعلى هذه الطريقة جرى أكثر الأئمة، وعن القفَّال قول أو وجه ثالثٌ، وهو أنه يتخير بينهما، كما مرَّ في المسألة الأولى.
وقوله في الكتاب "وكذا الخلاف" يتضمن نقل الوجوه أو الأقوال الثلاثة جميعاً، ويجوز أن يعلم بالواو؛ لأن القاضي الطبري ذكر طريقة قاطعة؛ بأنَّه يأكل الميتة ويترك الصيد، كان وَجَدَ المُحْرِم لحم صيد ذُبِحَ وميتة، فإن ذبَحه حلال لنفسه، فهذا مضطر؛ وجد ميتة وطعام الغير، كان ذبحه المُحْرِم قبل الإِحرام، فهو واجد لطعام حلال لنفسه، وليس بمضطر، وإن ذبحه في حال الإِحرام أو ذبَحه مُحْرِم آخر، فإن لم نجعل ما ذبحه المحرم ميتةٌ، فلحم الصيد أولَى منه؛ لأنه طاهرٌ، ولا يتقدم الأكلَ محظُور آخر، ولأن تحريم الصيد يختص بالمُحْرِم، وتحريمُ الميتة عام، وقيل: الميتة أولَى، وقد توجه بما سبق أن استثناء الميتة عند إلاضطرار منصوص عليه، وإن جعلْناه ميتة، ففي تعليق الشيخ أبي حامد: أن الميتة أولَى؛ لأنه لا ضمان فيها بخلاف لحم الصيد؛ فإنه مضمون بالجزاء عند بعْض العلماء، وقال القاضي أبو الطيب؛ يتخير بينهما؛ لأن كل واحد منهما ميتةٌ، وهذا أظهر على ما ذكر في "العدة" والحاصِلُ منها ثلاثة أوجه: تقديم لحم الصيد، وتقديم الميتة، والتخيير، والجواب في الكتاب؛ تقديم لحم الصيد، وقضيةُ ما أتى الشرح عليه ترجيحُ التخيير، فاعرف ذلك، وأَعلِمُ قوله "فهو أولَى من الميتة" بالواو.
وإن وجد المحرم صيداً وطعام الغير، فيَذْبح الصيد ويأكله، أو يأكل طعام الغير أو يتخيَّر؟ فيه ثلاثةً أوجهٍ أو أقوالٍ، سواءٌ جعلنا ما يذبحه ميتة أو لم نجعلْه ميتةً، لكنه قد يختلف التوجيه.
كان وجد صيداً وطعام الغير ميتةً، فيأكل الصيد أو الميتة أو طعام الغير أو يتخيَّر بينهما؟ وفيه أربعة أوجه أو أقوال لا يخْفَى توجيهها بما سبق، وزاد الإِمام ثلاثة أوجهٍ أُخَرَ:
أحدها: أنه يترك الصيد، ويتخيَّر بين طعام الغير والميتة.
والثاني: يترك طعام الصيد، ويتخيَّر بين الصيد والميتة.
والثالث: يترك الميتة، ويتخيَّر بين الصيد وطعام الغير والله أعلم.
ونختم الكتاب بفروع منثورة.
إذا لم نجعل ما يذبحه المُحْرِم ميتةً، فهل على المضطر قيمة ما يأكل منه؟ فيه