للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الغزالي: الثَّانِيَةُ: إِذَا تكَرَّرَ منه (١) السَّهْوُ فَيَكْفِي سَجْدَتَانِ فِي آخِرِ الصَّلاَةِ، وَإِنَّمَا يَتَعَدَّدُ سُجُودُ السَّهْوِ فِي حَقِّ المَسْبُوقِ إِذَا سَجَدَ لِسَهْوِ الإِمَامِ فَإنَّهُ يُعِيدُ فِي آخِر صَلاَةِ نَفْسِهِ، وَكَذا إِذَا صَلَّوا صَلاَةَ الجُمُعَةِ ثُمَّ بَانَ لَهُمْ بَعْدَ سُجُودِ السَّهْوِ أَنَّ الوَقْتَ خَارجٌ تَمَّمُوهَا ظُهْراً وَأَعادُوا السُّجُودَ، وَلَوْ ظَنَّ الإِمَامُ سَهْواً فَسَجَدَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنْ لاَ سَهْوَ فَقَدْ زَادَ سَجْدَتَيْنِ فَيَسْجُدُ لِهذَا السَّهْوِ سَجْدَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، وَقِيلَ: هُمَا جَابِرَتَانِ لِأَنْفُسِهِمَا كَشَاةٍ مِنْ أَرْبعِينَ شَاةً تُزَكِّي نَفْسَهَا وَغيْرَهَا.

قال الرافعي: لا يتكرر سجود السهو بتكرر السهو وتعدده، بل يكفي سجدتان في آخر الصلاة، سواء تكرر نوع واحد، أو وجد نوعان فصاعداً، ووجهه الخبر والمعنى.

أما الخبر فهو حديث ذي اليدين فإن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "سَلَّمَ وَتَكَلَّمَ، وَاسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ، وَمَشَى، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى سَجْدَتَيْنِ" (٢).

وأما المعنى: أن سجود السهو مؤخر إلى آخر الصلاة، ولولا أنه يتداخل لأمر به عند السهو، كسجود التلاوة يأتي عند التلاوة.

قال الأئمة: "ولا يتعدد سجود السهو إلا في مواضع" قالوا: ونعني بذلك صورة السجود، وإلا فالمعتمد به سجدتان بلا استثناء، فمنها المسبوق إذا سجد مع الإمام لسهوه يعيد في آخر صلاة نفسه على اختلاف يأتي من بعد، والغرض هاهنا الإشارة إلى أنه من المستثنيات، واقتصر على ذكر الأصح، وهو أنه يعيد في آخر صلاة نفسه، ويجوز أن يعلم قوله: (يعيد) بالواو للخلاف الذي يأتي ذكره، ومنها: لو سها الإمام في صلاة الجمعة، فسجدُوا للسهْوِ، ثم تبَيَّن لهم قبل أن يسلموا خروج وقت الظُّهْرِ، فعليهم إتمامها ظهراً، ويعيدون سجود السهو؛ لأن محل السجود في آخر الصلاة، وقد تبين أن الأول لم يقع في آخر الصلاة، وهذا تفريع على ظاهر المذهب، وفي المسألة قول آخر يأتي ذكره في الجمعة أنهم لا يتمونها ظهراً؛ بل يستأنفون، فعلى ذلك القول لا تستمر المسألة، ولا بأس لو أعلمت قوله: (تمموها ظهراً) بالواو؛ لمكان ذلك القول.

ومنها لو ظن أنه سها في صلاته فسجد للسهو، ثمَ بَانَ قبل أن يسلم أنه لم يسه، فهل يسجد؟ فيه وجهان:

أصحهما: أنه يسجد؛ لأنه زاد سجدتين سهواً، فيجبر هذا الخلل بالسجود.


(١) سقط في ط.
(٢) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>