وبقول عائشة: أيمان اللغو ما كان في المراء والهزل والمزاح. والحديث الذي لا يعقد عليه القلب. وأيمان الكفارة كل يمين حلف على وجه من الأمر في غضب أو غيره ليفعلنَّ أو ليتركنَّ فذلك عقد الأيمان التي فرض الله فيها الكفارة فالآية الكريمة تعم الماضي والمستقبل وتعلق الإِثم لا يمنع الكفارة كما أن الظهار منكر من القول وزور وتتعلق به الكفَّارة. وقالت الأئمة الثلاثة الأيمان ثلاثة: لغو ومنعقدة وهو الحلف على أمر مستقبل ليفعلنَّ أو ليتركن، وغموس، وهو ما كان الحالف بها عالماً بكذبه فيما حلف عليه. فقالت الحنفية والحنابلة لا كفارة فيها سواء تعلقت بالماضي أو بالحال لقوله -صلى الله عليه وسلم- "خمس من الكبائر لا كفارة لهن. الإِشراك بالله تعالى، والفرار من الزحف وبهت المؤمن، وقتل المسلم بغير حق، والحلف على يمين فاجرة يقتطع بها مال امرئ مسلم". وقالت المالكية اليمين الغموس إن تعلقت بالحال أو الاستقبال ففيها الكفارة ولعل وجهتهم في ذلك أن اليمين عند تعلقها بالماضي يكون الكذب فيها محققًا والذنب فيها عظيماً فتصير أكبر من أن تعمل فيها الكفَّارة. أما عند تعلقها بالحال أو بالاستقبال فيكون الأمر على خلاف هذا فتصبح قريبة من اليمين المنعقدة وتأخذ حكمها فتعمل فيها الكفارة. وبالنظر في أدلة كل نرى أن القول بعدم الكفارة من غير توبة في يمين الغموس هو الراجح لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبر بصريح العبارة بأنه لا كفارة فيها. وأما استدلال الشافعية بشمول الآية لها مطلقاً لغير ظاهر لما تقدم من الحديث وأما تفرقة المالكية في اليمين الغموس بين الماضي والحال والمستقبل فدعوى يعوزها الدليل ويردها قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- "خمس من الكبائر لا كفارة فيها .. الخ" وعد منها اليمين الغموس لأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يفرق في الغموس بين الماضي وغيره فالتوبة مسقطة لحق العبد والكفارة دمشق المولى سبحانه. في اليمين هل هو اليمين فقط والحنث يكون شرطأ في وجوبها وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء منهم مالك والشافعي وأحمد وربيعة والأوزاعي وابن حزم. أو السبب هو الحنث واليمين شرط لانعقاد السبب سببًا وإلى ذلك ذهب أصحاب الرأي منهم الإِمام الأعظم أبو حنيفة وأصحابه وداود الظاهري. وقَد تفرع على هذا الخلاف جواز تقديم الكفارة على الحنث وعدم جواز ذلك، فجمهور العلماء لما قالوا إن اليمين سبب للكفارة والحنث شرط فيها أجازوا تقديم الكفَّارة على الحنث لأن تقديم الشيء على شرطه بعد حصول سببه أمر معروف في الشرع ومعهود فيه ألا ترى أن الزكاة يجوز تقويمها على الحول بعد وجود سببها وهو ملك النصاب. وأما أصحاب الرأي الثاني القائلين بأن السبب هو الحنث واليمين شرط فلم يجيزوا تقديم الكفَّارة على الحنث لأن تقديم الشيء على سببه لا يجوز وهم يرون أن الحنث هو سبب الكفارة لا شرط فيها ولكل وجهة نذكرها فيما يأتي: يرى الجمهور أن الكفَّارة أضيفت إلى اليمين في لسان الشرع وأهل اللغة والعرف فالله تعالى يقول: {ذلك كفارة أيمانكم}. وأهل اللغة والعرف يقولون كفارة اليمين لا كفارة الحنث والإضافة تقتضي أن يكون المضاف إليه سبباً للمضاف متى كان المضاف حكماً شرعيًا أو متعلق حكم شرعي ولا شك أن المضاف هاهنا =