للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . .


= واختلفوا في صفات أخرى نذكرها فيما يأتي:
"الإِسلام".
جمهور الفقهاء ومنهم مالك والشافعي وأحمد وأبو يوسف من أصحاب أبي حنيفة على اعتبار الإِسلام شرطاً في المعطي فلا يجوز دفعها لكافر.
وقال غيرهم وهم: الإِمام أبو حنيفة ومحمد بن الحسن وهو مذهب الحنفية وأهل الظاهر أن الإِسلام ليس شرطاً فيه، فالكافر عندهم يجوز أن يعطى من الكفارة طعاماً وكسوة.
ووجهة الجمهور:
أولاً: أن الكفَّارة شرعت للتقرب بها إلى الله تعالى فهي عبادة والعبادة يجب أن تختص باهلها وأهل العبادة هم المؤمنون لا الكافرون.
وثانياً: أن الحربيين لا يعطون من الكفَّارة اتفاقاً لقوله تعالى {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ الله عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ في الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
فغير الحربي لا يعطى منها كذلك لان صفة الكفر تجمع بينهم.
ووجهة أبي حنيفة ومن ذهب مذهبه أن الله تعالى أطلق المساكين في الآية ولم يقيدهم بوصف الإِسلام فوجب بقاء المطلق على إطلاقه لعدم ما يدل على التقييد ولولا أن الحربي خرج بالآية السابقة لقلنا إنه يعطى من الكفارة، وخروج أحد أنواع الكفار لوجود ما يخرجه لا يعتبر مخرجاً لغيره.
ونحن إذا نظرنا إلى أن الكفارة إنما شرعت لتكون قرباناً يتقرب به العبد إلى ربه رجاء أن يقبله ويغفر له ما فرط منه من الذنب، وأن ذلك إنما يكون بدفع تلك الأشياء المشروعة لمن يرجى منه خير وينتظر منه دعوة مقبولة عند الله، وأن ذلك إنما يتوفر في المسلم لا في الكافر. رأينا أن قول من قال باشتراط الإِسلام فيمن يعطى من الكفارة قول له وجاهته.
ومن السهل أن يرد على وجهة المخالف بان الآية وإن كانت مطلقة إلا أنها مقيدة بما يقصده الشرع من تشريعه وبما عرف عن مال الزكاة، فإن الذي يعطى منه هو المسلم لا الكافر.
الحرية:
اتفقت كلمة الفقهاء على أن عبد المكفر لا يعطى من كفارة سيده لا طعاماً، ولا كسوة؛ لأن ذلك راجع إليه، فيكون الدفع إليه عبثاً.
واختلفوا في إعطاء رقيق الغير من الكفارة.
فذهب الجمهور، ومنهم مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو يوسف في غير غيبة السيد، وعجز العبد عن الكسب، ومحمد، وأبو حنيفة في غير من أحاط الدين برقبته، وكسبه إلى أنه لا يعطى من الكفارة؛ لأن الحرية شرط في المعطي.
وذهب غيرهم إلى أنه يعطى منها، والحرية ليست شرطاً فيه إذا، وجدت صفة المسكنة، وهو قول الظاهرية.
وجهة الجمهور: أن المقصود من الإِطعام والكسوة سد خلَّة المحتاج، والرقيق خلَّة مسدودة بوجوب نفقته على سيده، فَدَفْعُ الكفارة إليه لا يحقق المقصود منها، فيكون غير مشروع. =

<<  <  ج: ص:  >  >>