للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ووجهة الظاهرية: أن الآية مطلقة، فهي شاملة للحر والعبد على السواء، فتقييدها بأحد النوعين بخصوصه تقييد بلا دليل، فيكون باطلاً.
ونحن إذا نظرنا إلى وجهة كل رأينا أن مذهب الجمهور الراجح، لما سبق من التعليل، وَأَمَّا قول المخالف: إن الآية مطلقة، الخ، فيجاب عنه: بأن المقيد هو ما قصده الشارع من شرع الكفارة، وذلك محقق في غير الرقيق، ويؤيد هذا قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لاَ تَحِلُّ صَدَقَةٌ لِغَنِيٍّ وَلاَ لِذِي مِرَّةٍ سِوَى" وهذا غني بكسبه، أَو بإنفاق سيده عليه، فهو خارج عن النص، ويرد على أبي حنيفة أنه في حالة إحاطة الدين برقبته وكسبه، إذا كان لمصلحة السيد كان السيد مخيَّراً بين سداده، أو بيع العبد لسداده، وأما إذا كان مَنْشَؤُهُ مصلحة الرفيق، فإن الدائن هو الذي أهمل في مصلحة نفسه، كما يرد على من قال: إنه يعطى في حال غيبة السيد، وعجزه عن الْكَسْبِ بأن نفقته كنفقة الزوجة تكون عن طريق القرض بأمر القاضي، حتى يحضر السيد.
"هل للزوجة دفع كفارتها لزوجها أو ولدها":
مَذْهَبُ الشَّافِعيَّةِ والمالكية، وأبي يُوسَفَ، ومحمد بن الحنفية: أنه يجوز للمرأة إعطاء كفارتها لزوجها، أو ولدها الفقيرين؛ لان النص، وهو قوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} يشملهما؛ ولأن إعطاءها إياهما يجمع بين الصلة والصدقة، وذلك أفضل من إعطاء الغير. يدل لذلك ما روي أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أمر امرأة ابن مسعود أن تدفع صدقتها لزوجها، وولدها لما أعلمته عليه الصلاة والسلام باستحقاقهما للصدقة، فأخبرها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن لها أجرين.
والمشهور من مذهب الحنابلة، وقول أبي حنيفة: أن المرأة لا يجوز لها ذلك.
ووجهتهم في ذلك: أن بين الزوجين صلة في المنافع واشتراطاً في الانتفاع، فدفعها إليه يوجب انتفاعها بما دفعته بعوده إليها، فكأنها لم تكفر.
وبالنظر في وجهة كل نجد أن الْحَقَّ مع الجمهور؛ لان النص شامل لهما ,ولم يوجد ما يخصصه، كما أن إعطاء الزوج الفقير يصون عليه ماء وجهه عن الذُّلُّ بسؤال الغير، وأما القول بأن ما تعطيه الزوجة لزوجها يرجع إليها .. الخ، فلا يضر؛ لان ذلك عَادَ إليها بعد أن ملكه الزوج، وليست نفقة الزوج واجبة عليها، حتى يقال: إنها قد انتفعت بهذا الإِعطاء.
"النوع الثالث": تحرير الرقبة: هذا هو النوع الثالث من أنوع كفارة اليمين المخيَّر فيها، وهو الْمُشَارُ إليه بقوله تعالى عاطفاً على الإِطعام، والكسوة: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} والمقصود من تحرير الرقبة: جعل الرقيق المملوك حُرّاً طليقًا ولقد أطلق الله تعالى في هذه الآية الرقبة، ولم يقيدها بِوَصْفِ الايمَانِ، كما قيدها به في كفارة القتل، فكان ذلك منشأً لاختلاف الفقهاء في إجزاء عتق الرقبة الكافرة في كفارة اليمين.
المذاهب:
ذهب الجمهور، ومنهم مالك، والشافعي، وأحمد في مشهور مذهبه، والأوزاعي: إلى أن عتق الرقبة الكافرة في كفارة اليمين لا يجزئ، ولا تسقط الكفَّارة به.
وذهب الإِمام أبو حنيفة، وأصحابه، والثوري، وعطاء، وأبو ثور إلى أن ذلك مجزئ، ومسقط للكفارة، وهو رواية عن الإمام أَحْمَدَ.
احتج الجمهور بما رواه مسلم، والنَّسَائِيُّ عن معاوية بن الحكم قال: كانت لي جارية فَأتيت النبيَّ =

<<  <  ج: ص:  >  >>