للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه السلام- علَّم آدم. هذه الكلماتِ، وقال: قد علَّمتك مجامع الحَمْد (١)، ولو قال: لأُصَلِّيَنَّ علَى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أفْضَلَ الصلاة عليه، فطريق البر أن يقول: اللهم، صلِّ على محمد، وعلى آلِ محمدٍ كلَّما ذكَره الذاكِرُون، وكُلَّما سها عنه الغافِلُون، ذكره إبراهيم المَرْوَزِيُّ (٢).

الرابعة: وليْسَتْ منْ شرط النوع: إذا حلف؛ لا يصلِّي فمتى يحنث؟ فيه ثلاثَةُ أوجه:

أحدُها: أنه يحنث بالتحرُّم بالصلاة؛ لأنه يُسَمَّى حينئذٍ مصليًا، والشروع هو المراد من قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث إمامَةِ جبريلَ -عليه السلام- "صَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ" (٣).

والثاني: ويُحْكَى عن ابن سُرَيْج، أنه لا يحْنَثُ حتَّى يركع، فقد أتَى، بمعظم الركعة، فيقام مقام الجميع.

والثالث: لا يحكم بالحِنْثِ، ما لم يَفْرَغ؛ لأنَّهَا قد تفسد قبل الفراغ، فيخرج عن أن يكون مصلِّيًا، ولذلك قلنا في ألفاظ العقود: إنَّها تقع على الصحيح دون الفَاسِد، وعلى هذا؛ فلَوْ أفسدها بعْد الشروع لم يحنث، وعلى الأول؛ حَنِث، وإن أفسد، وعلى الثاني كذلك، إن كان الإِفساد بعد الركوع، ولا نقول: إن اللفظ يقع على الصحيح والفاسد، ولكن ذكرنا أن الشارع في الصلاة يُسَمَّى مصليًا، فيعتبر أن يكونَ الشروعُ


(١) قال الحافظ في التلخيص: قال ابن الصلاح في كلامه على الوسيط: ضعيف الإِسناد منقطع غير متصل. قلت: فكأنه عشر عليه حتى وصفه، وأما النووي فقال في الروضة في مسألة جل الحمد. ما لهذه المسألة دليل معتمد، ثم وجدته عن ابن الصلاح في أماليه بسنده إلى عبد الملك بن الحسن عن أبي عوانة، عن أيوب بن إسحاق بن سافدي عن أبي نصر التمار، عن محمد بن النصر قال: قال آدم يا رب شغلتني بكسب يدي، فعلمني شيئًا فيه مجامع الحمد والتسبيح، فأوحى الله إليه يا آدم إذا أصبحت فقل ثلاثًا، وإذا أمسيت فقل ثلاثًا: الحمد لله رب العالمين حمدًا يوافي نعمه، ويكافئ مزيده، فذلك مجامع الحمد والتسبيح، وهذا معضل.
(٢) قال النووي: أما الصورتان الأوليان، فذكرهما جماعة من متأخري الخراسانيين، وليس لهما دليل يعتمد. ومعنى "يوافي نعمه" أي: يلاقيها، فتحصل معه، "ويكافئ مزيده" بهمزة في آخره، أي: يساوي مزيد نعمه ومعناه: يقوم لشكر ما زاد من النحم والإِحسان. وأما مسألة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد ذكرها عن إبراهيم المروذي وحده، وقد يستأنس لذلك بأن الشافعي رحمه الله وإن يستعمل هذه العبارة، ولعله أول من استعملها، ولكن الصواب والذي ينبغي أن يجزم به أن أفضل ما يقال عقيب التشهد في الصلاة اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم إلى آخره، فقد ثبت في الصحيح أنهم قالوا يا رسول الله: كيف نصلي عليك، فقال: قولوا: اللهم صل على محمد إلى آخره.
(٣) تقدم في الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>