بغير اختياره والهبة في العَيْن والصلح عن الدَّيْن، كالإِبراء إذا قلْنا: إنه يَحْتاجُ إلى القبول، ولو قال لأَقْضِيَنَّ حقك غدًا، إلا أن تشاء أؤَخِّرَهُ، فإن قضى من الغد برَّ شاء صاحب الحق أو لم يشأ، وإن لم يقْضِ، فإن شاء صاحبُ الحقِّ تأخيره قبل مضي الغدِ، لم يحنَثْ، وإن لم يشأ، حنث، وكذا لو قال: إلا أن يشاء زْيدٌ أن أؤخره، إلا أنه إذا مات صاحبُ الحقِّ قبل مجيء الغد، يكون الحنث على قولَي الإِكراه، وإن مات بعده وبعد التمكُّن يجيء فيه الطريقان، وإن مات زَيْدٌ قبل مجيء الغد، أو في أثنائه ولم يعلم بمشيئته، فلا حنث في الحال؛ لإِمكان قضاء الحق بعد موته، فإذا غربت الشمس، ولم يقض، فحينئذٍ يحنث، ولو قال: لأقضينك حقَّك إلى الغَدِ، إلا أن تشاء تأخيره، فينبغي أن يقدم القضاء على طُلُوع الفجر من الغد، فإن لم يفعل، ولم يشأ صاحبُ الحقِّ تأخيره، يَحْنَثُ.
فرع: لو حلف؛ لَيُطَلَّقَنَّ امرأته غدًا، فطلَّقها اليوم، نُظِر، إن لم يستَوْفِ الثلاث، فالبر ممكن وإن، استوفَى فقد فوَّت البر على نفسه، فيحنث، وكذا، لو كانَتْ عليه صلاةٌ عن نَذْرٍ، فحلف ليصلينها غدًا، ثم صلاها اليوم.
إحداهما: إذا قال: لأَقْضِيَنَّ حقَّك عند رأس الهلال، أو، مع رأس الهلال، أو عند الاستهلال، أو مع رأْس الشهْر، فهذه الألفاظ تقع عَلَى أول جزء من الليلة الأولَى من الشهر، وكلمتا "عند" ومع يقتضيان المقارنةَ، فإن قضاه قبل ذلك، فقد فوَّت البر على نفسه وإن أخَّر القضاء عنْهُ، حنث أيضًا، فينبغي أن يُعِدَّ المال ويترصَّدَ، فيقضيه حينئذٍ، وذكر الإِمام وصاحبُ الكتاب في "الوسيط" أن هذا لا يكاد يُقْدَرُ عليه، فأما أن يتسامح فيه ويقنع بالممكن، أو يُقَالَ؟ التزم محالاً، فيحْنَثُ بكل حال، وهذا لا ذاهبَ إلَيْه، لكن ذَكَر بعض الأصحاب أنَّ له فُسْحَةً في الليلة الأولَى وفي يومها؛ لأن اسم رأس الهلال ورأس الشهر يقع عليهما وَيُرْوَى هذا عن مالكٍ، وعنه أيضًا قَصْرُ الفسحة على الليلة، وحكاه صاحبُ "التهذيب" عن أبي حنيفةَ أيضًا، وإذا أخذ في الكيل أو الوزن عن رؤية الهلال وتأخر الفراغ لكثرة المال لم يحنث، وبمثله أجِيبَ فيما إذا ابتدأ حينئذٍ بأسباب القضاء ومقدماته، كحَمل الميزان، ولو أخَّر القضاء عن الليلة الأولَى