القاضي الرويانيُّ وصاحب "البيان" وغيرُهما -رحمهما الله- أنه يبَرُّ كما لو قال: ألا أدخل دارَ زَيْدٍ هذه، فباعها، حَنِث تغليباً للعين.
والثانية: إذا نَكَّر، فقال: إلا رفعته إلَى قاضٍ، فيبَرُّ بالرفع إلَى أي قاضٍ كان في تلْك البلدة وغيرها.
والثالثة: إذا قال: رفعته إلى القاضي، ولم يعيَّن أحداً بلفظه ولا بنيته، ففي كتاب القاضي ابن كج وغيره: وجه أنه لا يختص بقاضي البَلَدِ؛ حملاً للَّفْظِ على المعهود، وهل يتعيَّن قاضي البلد في الحال، فإنه المعهود أو من ينصب بعده في البلد يقوم مقامه؟ فيه وجهان ويُقالُ: قولان:
أشبههُما: ويُنْسَبُ إلَى أبي حامد، وهو الذي أورده صاحبُ "التهذيب": الثاني حتى لو عزل من كان قاضياً وولّى غيره، يَبَرُّ بالرفع إلَى الثاني، ولا يبَرُّ بالرفع إلى المعزول، فإن قلْنا: يتعيَّن قاضي البلد، فالحكم على ما ذكرنا في الحالة الأولَى، والاعتبار بحال اليمين علَى هذا الوجه أو بحال رؤية المنكر؟ حَكَى في "التتمة" فيه وجهين، والأقوَى الأول، ولو كان في البلد قاضيان وجوَّزْناه، فرفع إلَى من شاء منهما، ولو رأى المنكر بين يدَي القاضي المرفوع إليه، ذكر في "الوسيط" أنه لا معنى للرفْع إليه، وهو يشاهده، ولو رأى المنْكَر بعد اطلاع القاضي، فوجهان:
أحدهما: أنه فات البرُّ بغير اختياره، كما لو رآه معه، فيكون على القولَيْنِ.
والثاني: أنه يَبَرُّ بالإِخبار وصورة الرفع، وهذا أظهر، وبه أجاب صاحب "التهذيب" وهو الذي أوردهَ المتولِّي -رحمهما الله- فيما إذا رأى المنكَر، والقاضي يشاهده، وفي الأحوال جميعاً، لو لم يَرَ الحالف الرفع إليه في حالَةِ القضاء، فلا شيء عليه، وإن قصد عينه، فَلْيخْبِرْه، ولو حلف لا يَرْفَعُ منكراً إلى القاضِي فلانٍ، حَنِثَ بالرفع إليه، وهو قاضٍ، وبعد العزل يعود فيه التفصيل المذكور، وإن قال: إلى القاضي، فيحمل على قاضي البلد حينئذٍ، أو يحنث بالرفع إلَى من ينصب بعد عزله؟ فيه الخلاف السابق، ثم يتكلَّم في لفظ الكتاب ففيه التباس قوله لا أرى منكراً إلا رفعتُه إلى القاضي أراد به ما إذا عيَّن القاضي وإن لم يتعرَّض اللفظ له؛ ألا تَرَى أنه قال: بل عمره وعمر القاضي مهلته، وإنما يتوجَّه هذا اللفظ، إذا كان القاضي معيناً، وقوله "عَقَيبَهُ""وهل يحمل على القاضي الموجود في الوقت أو على الجنس وجهان" موضع الوجهين ما إذا أطْلَقَ القاضِيَ، ولم يعيِّن، وأراد بالجنس جنْسَ قضاة البلد.
وقوله:"ولو بادر، فمات القاضي" يعني في صورة تعيُّن القاضي، وإلا، فموت القاضي الذي قصده لا يؤثر لإِمكان الرَّفْع إلَى قاضٍ آخر، فلو مات الحالِفُ في صورة المبادرة قَبْل أن يصل إلى القاضي، قال في "التتمة" لا كفارة عليه؛ لأنه لم يجدِ