أراد، وإنْ لم يكُنْ من جنسه بأنْ كان حقُّه الدراهم، فخَرَج ما أخذه نُحَاساً أو مغشوشاً، فإن كان عالماً بالحَالِ، حَنِث، وإلا، فعلَى قولَي الناسِي والجاهِل.
فَرْع: لو حلف الغريم؛ لَتَقْضِيَنَّ حقه قبل أن يفارقه أو حَلَف لا يفارقُهُ حتَّى يقضي حقَّه، فالقول في مفارقته مخْتاراً أو مُكْرَهاً، وفي الحوالة والمصالَحَةِ وغيرها علَى قياس ما سَبَق، ولو حَلَف، لا يعطيه حقَّه، فأعطاه مُكْرَهاً أو ناسياً فهو على الخلاف، ولو قال: لا يأخذ أو لا يَسْتَوْفِي، فأخذ حَنِث، سواءٌ كان المعطِي مُكْرَهاً أو مختاراً، ولو كان الآخذ مُكْرَهاً، ففيه الخلاف.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا حلف على الضرْب، تعلَّقت اليمين بما يُسمَّى ضرباً، ولا يكفي فيه وضع اليد والسَّوْطِ ورفْعُهما، والعَضُّ والقرص والخنق ونتف الشَّعْر ليس بضَرْبٍ، خلافاً لأبي حنيفة وأحمد -رحمهما الله- وفي الوكز واللكز واللطم وجهان:
أصحُّهُما: أنه ضرْبٌ، وهو الذي أوردناه في "كتاب الطلاق" ولا يُشْترطُ فيه الإِيلام؛ ألا ترى أنه يُقَالُ: ضربه، ولم يُؤْلِمْه، ويخالف الحدَّ والتعزيرَ يعتبر فيهما الإِيلام؛ لأن الغرض هناك الزجر، وإنما يحصل ذلك بالإِيلام، واليمين يتعلق بالاسم، وقَال مالكٌ: يُشترطُ الإِيلام، وللأصحاب وجه مثله، وقد ذكرنا، في الطلاق (١)، ولو حلف؛ لَيَضْرِبَنَّ عبده مِائَةَ خَشَبَةٍ، أو لَيَجْلِدَنَّهُ مائَةً، فضربه بِعِثْكَالٍ عليه مائةُ شِمراخ ضَرْبَةً واحدةً، حصل البر، إِذا تيقَّنَ أن الكل أصاب بدنه، واعْتُمِدَ فيه قولُهُ تعالَى في قصة أَيُّوبَ -عليه السلام- {وخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بهِ وَلاَ تَحْنِثْ}[ص: ٤٤] وفيه عدول عن موجب اللفظ، فإنه لم يضربه بمائة خشبة، فإن شد مائة سوط، فضربه، فقد
(١) قال النووي: ولو ضرب ميتاً، لم يحنث، ولو ضرب مغمى عليه أو مجنوناً أو سكران، حنث؛ لأنه محل للضرب؛ بخلاف الميت. ذكره المتولي.