للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالانعزال أخرَى، ثم أدب القضاء وأعماله تنقسم إلى ما يشترك فيه القضاءُ على الحاضر، والقضاءُ على الغائب، وإلَى ما يختص بما إذا كان المقضى عليه غائباً، فأودع المُصَنِّفُ هذه الجملَ في ثلاثة أبواب.

باب في التولية والعزل، وباب في آداب القاضي وأعماله على العموم.

وباب فيما يتعلَّق بالقَضَاء على الغائب خاصَّة.

وأما البابُ الرابعُ المعقود في القسمة، فإنه أَتبع فيه الشافعيَّ -رضي الله عنه- والأصحاب -رحمهم الله- حيث أوردوا القسمة في خلال الأقضية، أو على أثرها، وسببه أن القاضي لا يَسْتغني عن القسام للحاجة إلى قسمة المُشْتَركات، بل القسام كالحاكم، لما سيأتي، فحسن الكلام في القسم مع الأقضية، هذا ضبط الأبواب، أما الباب الأول، فَفِيه فصلان:

أحدهما: في طرف التولية، وأول ما افتتح به الفصْل أن القضاء والإمامة من فروض الكفايات، لا غنى عنهما بالإجماع (١) لأن الظُّلْم من شيم النفوس، ولا بدّ من حاكم ينتصف للمظلومين من الظالمين.

وأيضاً، لما يتعلَّق بهما من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد رُوِيَ أن


(١) قال الشيخ البلقيني في تصحيح المنهاج في القضاء أمور:
أحدها: إيقاع التولية للقاضي.
والثاني: ما يتعلق بقبول المتولِّي القضاء بين المتنازعين، فأما إيقاع التولية للقاضي فهو فرض عين على الإِمام القائم بمصالح الرعايا وفرض عين على قاضي الإِقليم إذا عجز عن النظر في جميع النواحي، فإن بعد عن الإِمام بعين فرض الكفاية على القاضي إذا لم يبلغ الإِمام الخبر، فإن بلغه فالفرض عليهما فأيهما ولي سقوط الفرض. ذكره الماوردي.
وأما قبول التولية فإذا هو الذي ينظر فيه في الكفاية والعين.
وأما الثالث: فإيقاع القضاء بين المتنازعين فرض عين على الإِمام بنفسه أو نائبه، وإذا ارتفعا إلى النانب فإيقاع القضاء بينهما فرض عين على النائب ولا يحل له أن يدفع القضية عن نفسه إذا كان في ذلك تعطيل الحال وتطويل النزاع بين الخصمين، وإذا تقرر ذلك علمت أن قول المصنف فرض كفاية بمعناه قبول ولاية للقضاء لا نفس القضاء فلينبه لذلك. انتهى وهو تحقيق حسن، وفول الشيخ بالإِجماع اعترضه ابن الرفعة بما حكاه بعد أسطر عن ابن كج أنه مكروه وأن في تعليق القاضي أبي الطيب أنه مستحب.
وأجاب في الخادم بأن الكراهة لما يخشى من العجز عن القيام بحقه مع أنه فرض كفاية، ثم قال أو يحمل كلام ابن كج على كراهة طلبه والحرص عليه إلى آخر ما ذكره وفي كلا الجوابين نظر لأن المكروه مطلوب تركه وفرض الكفاية مأمور بتحصيله فلا يسلم له جواب الأول.
أما الثاني ففيه خروج عن ظاهر اللفظ ونقل ابن الرفعة كلام القاضي أبي الطيب بالاستحباب وهو نبأ في الوجوب، لكن قال ابن الرفعة أنه لم يره لغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>