للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما اليمين؛ فقد قال الأصحابُ: يجوز له أن يَحْلِفَ على استحقاق الحقِّ، وأداء الحق؛ اعتمادا على خطِّ أبيه (١)، إذا وثق بخطه وأمانته وضبطه قال القفال: وضابط وثوقه بأن يكون بحيث لو وجد في تلْكَ التَّذْكِيرة أن لفلانٍ عليَّ كذا، لا يجد من نفسه أن يحلف على نَفْي العلم به، بل يؤديه من التركة، وفرقوا بينه وبين القضاء والشهادة؛ بأن القضاء والشهادة بناءً على الخطِّ ينجر إلى خطر عظيم.

وفي اليمين: لا يلزم ضرر عام، ولأن القضاء والشهادة تتعلق به، ويمكن فيه التذكير والرجوع إلى اليقين، وخط المورث لا يُتَوَقَّعُ فيه اليقين، فجاز بناء الأمر على غلبة الظن، حتى لو وجد بخط نفسه: أن له على فلان كذا وأنه أدَّى دين لم يجر له الحلف، حتى يتذكر، قاله في الشامل.

فَرْعٌ: قال الصَّيْمَرِيّ: أولى الأمور بالشاهد الاستعانة بالأسباب المغنية عن التذكر عند الأداء، وذلك بأن يثبت حلبة المقر، إذا لم يعرفه بعد ذكر الشهادة، ويقرب من ذلك ذكر التاريخ وموْضِعِ تحمل الشهادة، ومن كان معه حين تَحَمَّل وما أشبه ذلك، وحكى أبو محمد الحدَّاد من الأصحاب -رحمهم الله- أن بعض علمائنا ممن ولى قضاء البصرة كان يكتب: أن الذي شهدت عليه يشبه فلانًا، يعين رجلًا قد قبله علمًا، ويستعين بذلك على التذكُّر. وهذا أبلغ من إثبات الحلية والله أعلم.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ شَهَدَ عِنْدَ القَاضِي شَاهِدَانِ بِقَضَائِهِ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ لَمْ يُقْضِ بِهِ، والمُحَدِّثُ يُحَدِّثُ عَمَّن أَخْبَرَهُ بِحَدِيثِهِ فَيَقُولُ: حَدَّثَنِي فُلاَنٌ عَنِّي، وَلِقَاضٍ آخَرِ أَنْ يَقْضِيَ بِالشَّاهِدَيْنِ عَلَى قَضَائِهِ إِنْ لَمْ يُكذِّبَهُما، وَمِنْ ادَّعَى عَليْهِ أنَّهُ قَضَى لَهُ فأَنْكَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّحْلِيفُ كَمَا لا يُحَلِّفُ الشَّاهِدَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه مسألتان:


(١) ذكر الأب في كلام الشيخ المصنف مثال لا قيد.
قال في الخادم: حتى لو رأى بخط مكاتبه الذي مات في أثناء الكتابة قبل العتق أو خط مأذونه القن بعد موته أو عامله في القراض أو شريكه في التجارة شيئًا من ذلك ووثق بأمانته، جاز له الحلف عليه، فإن عمدة الإقدام الظن المؤكد وهو موجود، ولهذا قال الفوراني في الإِبانة وسليم في المجرد وصاحب البحر وغيرهم لر أخبره ثقة عدل أن لأبيك على فلان كذا، جاز له أن يدعيه ويحلف عليه، وجرى عليه الدارمي في الاستذكار ولم يشترط العدالة وأخذ صاحب الخادم من القوت بلفظه ولم يعزه له على عادته. وقال في المهمات أن الشيخين اختلف كلامهما في خط نفسه فقالا في هذا الباب أنه لا يحلف على خط نفسه وقالا في باب الدعاوى أنه يحلف على خط نفسه، قال وما ذكراه في باب الدعاوى هو الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>