واحدٍ منهما ينبغي أن يكون في محلِّ ولايته؛ ليمكن الاعتمادُ، وأنه غير حاصل عند المشافهة، فلا يصح السماع، والإِسماع.
وقوله "إِلا إِذا جوَّزْنا الاستثناء" يعود إلى قوله أولاً "لم يكف".
وقوله:"أما إِذا كان المُسْمِع في محلِّ ولايته دون السَّامع" إلى آخره، فهو أحد الطريقين الذين ذكرناهما أولاً، فقال: لأن السامع والمسمع إلى أن قال: "فلا يصح سماعُه ولا إِسماعه" والحاصلُ أنه حكم بأن سماع مَنْ ليس في محلِّ ولايته غير صحيحٍ أولاً، ثم أعاد الصورة على الأَثَرِ، وبناهما على الخلاف في أنَّ القاضي، هل يقضي بعلمه، وليس ذلك بمستحْسَنٍ، بل كان ينبغي أن يُفَصِّل فيقول: إسماعُ من ليس في محلِّ ولايته غير صحيح، وسماع من ليس في محلِّ ولايته على الخلاف في القضاء بالعِلْم.
فَرْعٌ: في "الوسيط": أنَّ القاضي، إِذا حكم بالحقِّ، وشافه به واليًا غيْرَ القاضي؛ ليستوفي، فله أن يستوفي في محلِّ ولاية القاضي، وكذا خارجه على الصحيح؛ لأن سماع الوالي مشافهةٌ كشهادةِ الشُّهود عنْدَ القاضي، قال: ولا يكاتب القاضي واليًا غير القاضي؛ لأنَّ الكتاب، إِنما يثبت بشَهَادة الشُّهود ومنصب سماع البيِّنة يختص بالقضاة، وليحملْ هذا على الوالِي الَّذي لا يَصْلُح للقضاء، والذي لم يفوض إلَيْه الإِمام نظر القضاة، وإن كان صالحًا، فأما الصالح الذي مكن من النَّظَر بنفسه ومِنْ تقليد مَنْ يراه، فإنه يجوز للقاضي مكاتبته، كما يجوز مكاتبة الإِمام الأعظم، نَصَّ عليه في "المختصر"، والله أعْلَمُ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: قد بأن في أول الركن أن القاضي بعْدَ سماع البينة على الغائب قد يحكم عليه، وينهي الحال إِلى قاضي البلد الآخر، وقد يقتصر على السماع وينهي، أما القسم الأول، فقد تكلمنا فيه، والغَرَضُ الآن الكلامُ في الثَّانِي، ونقدم عليه فصْلاً فيما يمتاز به أحد القسمَيْنِ عن الثاني، وفي فروع تتعلَّق بالحكم، اعْلَم أنَّ صيغ الحكم مثْل أن يقول: حكمتُ عَلَى فلان لفلانٍ بكذا، أو ألزمته عَلَى ما ذكرنا في الأدب الخامس من الباب الثاني، فلو قال: ثبت عندي كذا بالبَيِّنَة العدالة أو صحَّ، فهَلْ هو حكْمٌ؟ فيه وجهان: