للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِمام، والقياس التجويزُ، كما أنه إذا حكم، استغنى عن تسمية الشهود، وهذا هو المفهومُ من إِيراد صاحب "التهذيب" وغيره، ويجوز أن يقدر فيه خلافٌ بناءً عَلَى ما سيأتي أن كتاب القاضي إلى القاضي بسماع البَيِّنةِ نقلٌ للشهادة أو حكم بقيام البينة إن قلْنا: حكم، فلا حاجة إلى التسمية، وكفى قوله: قامت عندي بينةٌ عادلةٌ بكذا، وِإن قلنا: نقل، فلا بدّ من التسمية، كما أنه لا بدِ مِنْ أن يسمى شاهد الفرع شاهدَ الأصل، ويأخذ المكتوب إليه بتعديل الكاتب أم له البحث وإعادة "التعديل" لفظ الكتاب يشعر بالثاني؛ لأنه قال "جاز أن يعتمده إذا رأى ذلك والقياسُ أنه أخذ بذلك التعديل" (١)، أما إذا جعلناه حكْمًا، فظاهرٌ، وأما إِذا جعلْنَاهُ نقلاً، فلأنَّ شاهد الفَرْع، إذا عدل شاهد الأصل، وهو صفة المزكِّين، يكفي تعديله على ظاهر المذْهَب عَلَى ما سيأتي، ولا حاجة في هذا القسم إلى تحليف المدَّعِي، والقول في إِشهاد القاضي، وفي أداء الشهود الشهادة عند المكتوب إِليه، وفي دعوى الخصم، إِن كان هناك من يشاركه في الاسم عَلَى ما مرَّ في القسم الأول، وِإذا عدل الكاتب وشهود الحق، ولكن جاء ببينة على جَرْحهم فتسمع وتقدم على التعديل، وإنْ استمهل، ليقيم بينة الجرح، أمهل ثلاثة أيَّامٍ، فإنَّها مدة يسيرة، لا يعظم ضَرَر المدَّعِي بتأخير الحكم فيها، وبالمدعى عليه حاجة إلى مثلها، لاستحضار البينة، هكذا ذكره الأصحاب على طبقاتهم، وكذا لو قال: أبرأتني أو قضَيْت الحق، واستمهل؛ ليقيم البينة عليه، وقال: أمهلوني، حتى أذهب إلَى بلدهم وأجرحهم، فإني لا أتمكن من جرحهم إلاَّ هناك، أو قال: لي بينةٌ أخرى دافعةٌ هناك، لم يُجَب إِليه، بل يؤخذ الحقُّ منه، ثم إذا ثبت الجرح أو الدفع من وجْهٍ آخر، يسترد، قال في "الوسيط": ولا يخرج ذلك على ما إِذا كان الخصم حاضرًا، وظهر فسْقُ الشهود بَعْد الحكم، ففي الاسترداد ونقض الحكم، والحالة هذه، قولان، والفرقُ أنَّ هذا معذورٌ، والحاضر عند الشهود مقصِّرٌ، ولا فرق في ذلك بين كتاب الحكم وكتاب نقل الشهادة، وفي "العدة": أنه لو سأل المحكوم عليه إحلاف الخصْم عَلَى أنه لا عداوة بينه وبينهم، وقد حضر الخصم عند المكتوب إِليه إِجابة إِليه، ولو سأل إحلافه عَلَى عدالتهم، لم يجبه، وكفى تعديل الحاكمِ إِياهم، وأنه لو ادَّعَى قضاءَ الدَّيْن، وسأل إِحلافه أنه لم يستوفه، لم يحلف؛ لأنَّ القاضي الكاتب، قد أحلفه، وذكر صاحب "التهذيب" في مثله في دعْوى الإِبراء يحلفه عَلَى أنه لم يبرئه، فحصل في المسألة وجهان، والله أعلم.

وقوله في الكتاب فإن كتب الأول عدالتهما، وأشهد عليه التعرض للإِشهاد غير محتاج إليه في هذا الموضع؛ لأنه قد تبيَّن من قبل أن الاعتماد على الشهود دُون


(١) قال النووي: هذا الذي جعله القياس هو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>