للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصيبَيْن، فإذا أفرزهما تميَّز نصيب الثالث، فعقد الثالث إذن استئجارٌ على عمل مستحقٍّ على الأَجير، وأجاب القاضي الحُسَيْن بأن إفراز النصيبَيْنِ من غير عَمَلٍ في نصيب الثالث بالمساحة والتخطي فيه ممَّا لا يتأتى، فيقع استئجار الثالث على ذلك، ولم يرْتَضِ الإِمامُ هذه المفاوَضَةَ سُؤَالاً وجواباً؛ لأنهما جميعاً مبنيان عَلَى تجويز استقلال بعض الشركاء باستئجار القسام؛ لإِفراز نصيبه، ولا سبيل إِليه؛ لأن إفراز نصيبه لا يمكن إلاَّ بالتصرُّف في نصيب الآخرين؛ تردُّداً وتقديراً، ولا سبيل إليه إلاَّ برضَاهم، نعم يجوز أن ينفردَ واحدٌ منْهم برضا الباقِيَن، فيكون أصيلاً ووكيلاً، ولا حاجَةَ إِلَى عقد الباقين، وحينئذٍ، إن فصل ما على كلِّ واحد منهم بالتراضِي فذاك، وإن أطلق، عاد الخلاف في كيفية التوزيع، وإلَى هذا أشار في الكتاب بقوله: "وإذا كان القسَّام يقسم برضا الشركاء، فليس لواحدٍ أن ينفرد باستئجاره، يعني: إن كانت القسمةُ بالإِجبار أمْكَنَ أن يتصرف القسام في نصيب الممتنع بأمر القاضي، فأما إذا لم يكن إجبارٌ، فلا بدّ من اتفاق الجميع، وإذا اتَّفَقُوا، فعَلَى كلِّ واحدٍ ما سمَّى عليه، فإن أطلقوا، فعلى الخلاف.

هذه مسألة والمسالةُ الثانية من الفصل، إذا كان أحد الشريكَيْنِ طفلاً، نُظِرَ؛ إن كان في القسمة غِبْطةٌ له، فعلى الوليِّ طلب القسمة وبذل الحصة من الأجْرَةِ من مال الطفل، وإن لم يكنْ فيها غبْطَةٌ، فلا يطلبها، وإن طَلَبَها الشريك الآخَرُ، أُجِيبَ، إن قلنا: الأجرة على الطالب خاصَّةً فذاك، وإن قلْنا: على الكل، فهاهنا وجهان:

أحدهما: وبه أجاب في "العدة": أنها على الطالب أيضاً؛ لأن أخْذَ الأجْرَةِ من مالِ الطِّفْل، ولا غبطة، إجحافٌ لا يحتمله الصبيُّ.

وأصحُّهُمَا: أن حصة الصبيِّ تُؤْخَذُ من ماله؛ لأن الإِجابة إلى القسمة واجبةٌ، والأجرة من المؤنات التابعة لها.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَاعْلَمُ: أَنَّ الإِجْبَارَ إِنَّمَا يَجْرِي فِي قِسْمَةِ الإِفْرَازِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ قَابِلاً للْقِسْمَةِ إِلَى أَجْزَاءٍ مُتَسَاوِبَةِ الصَّفَاتِ وَيَبْقَى الانْتِفَاعُ كَذَوَاتِ الأَمْثَالِ أَوْ كَالكِرْبَاسِ وَالأرْضِ وَكَيْفِيَّةُ قِسْمَةِ الأَرْضِ: أَنْ تُقَسَّمَ بِالأَجْزَاءِ بِحَسَبِ أَقَلِّ الأَجْزَاءِ، فَإِنْ كَانَ الأرْضُ بَيْنَ ثَلاَثةٍ لِوَاحِدٍ نِصْفُهَا وَلآخَرَ ثُلُثُهَا وَلآخَرَ سُدُسُهَا قُسِّمَ بِسِتَّةِ أجْزَاءٍ مُتَسَاوِيَةٍ في المِسَاحَةِ وَيَكْتُبُ أَسَامِيَ المُلاَّكِ عَلَى ثَلاَثِ رِقَاعِ ويُدْرِجُهَا فِي بَنَادِقَ مُتَسَاوَبةِ يُخْرِجُهَا مَنْ لاَ يَعْرِفُ ذَلِكَ وَيَقِفُ القَسَّامُ عَلَى طَرَفِ الأَرْضِ فَإذَا خَرَجَ مثَلاً اسْمُ صَاحِبِ النِّصْفِ سُلِّمَ إِلَيْهِ الجُزْءُ الأَوَّلُ وَمَا يَلِيهِ إِلَى تَمَامِ النِّصْفِ، ثُمَّ يَخْرُجُ اسْمُ الآخَرِ كَذَلِكَ، أمَّا الطَّاحُونَةُ وَالحَمَّامُ وَمَا لاَ يَبْقَى مُنْتَفَعاً بِهِ لاَ يُجْبِرُ فِيهَا عَلَى القِسْمَةِ، وَلَوْ مَلَكَ مَنْ دَارِ عَشْراً لاَ يَصْلُحَ لِلْمَسْكَنِ لَوْ أَفْرَزَ فَطَلَبَ القِسْمَةَ فَلاَ يُجَابُ علَى الأَصَحِّ وَلَوْ طَلَبَ صَاحِبُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>