هو بكسر أوله وفي لغة بالسين وفيه أربع لغات كسر الشين وفتحها والإِعجام -والإِهمال- والأشهر الإِعجام مع الكسر ويجمع على شطارج وأصله في اللغة الأعجمية "شسن رنك" ومعناه ستة ألوان لأن شسن ستة .. ورنك ألوان وهي أعني الستة الشاة -والفرزان. والفيل والفرس- والرخ -والبيدق- ثم أول من وضعه كما ذكره ابن خلكان وصاحب الغرر. "وِصَّه بن داهر الهندي" وضعه (لبلهيت) ويقال له شِهْرَامْ بكسر الشين المعجمة. وقصد الواضع للشطرنج مضاهاة لأزدشير أول ملرك الفرس الأخيرة واضع النرد لتمثيل الدنيا وأهلها كما تقدم بيانه وافتخرت الفرس بذلك. ثم لما قارن حكماء ذلك العصر بينهما قضوا بترجيح الشطرنج على النرد -حيث إن الشطرنج وضع على أساس قاعدة أن لا قضاء ولا قدر مؤثرين بذاتهما وأن الإِنسان قادر بسعيه واجتهاده أن يبلغ المراتب العلية والخطط السنية فكان في ذلك إبطال القاعدة الأساسية التي بني عليها وضع النرد كما أن الإِنسان لو أهمل السعي والاجتهاد هوى به إلى الخصيص وأخرجه من روض الغيس الأربص. ومما يدل على ذلك أن البيدق ينال بحركته وسعيه منزلة "الفرزان" في الرياسة. ثم جعلها الواضع مصورة تماثيل على صورة الناطق والصامت وجعلها درجات ومراتب فجعل "الشاة" الرئيس والمدبر، والفرس والفيل مركوبين له (والفرزان) وزيره (والبيادق ورعاياه فالواحد من الرعية لو أعطى الاجتهاد حقه في تهذيب نفسه كان ذلك عوناً على أن ينال رتبة (الفرزان) أي وزيرًا وكذلك (الفرزان) إذ علت همته وتمكنت قدرته طمحت نفسه إلى نيل رتبة (الشاة) أي الملك ونازعه الملك ولو أدى إلى مقاتلته وهكذا الحكم في كل قطعة من القطع التي تليها وقيل إن الواضع للشطرنج بعض الحكماء ليبينوا للناس ما خفي عنهم من مكايد الحروب وكيفية ظفر الغالب وخذلان المغلوب -وبينوا فيها التدبير والحزم والاحتياطة المكيدة والاحتراس- والتعبية والنجدة -والقوة والجلد والشجاعة والبأس فمن عدم شيئاً من ذلك علم موضع تقصيره ومن أين أتى بسوء تدبيره لأن خطأها لا يستقال والعجز فيها متلف المهج والأموال لأنه معلوم بالبداهة أن في ترك الحزم ذهاب الملك وضعف الرأي جالب للعطب والهلاك -والتقصير سبب الهزيمة .. والتلف وعدم المعرفة بالتعبية داع إلى الانكشاف أمام العدو وقال بحله مالك والشافعي مع الكراهة قال بعض المحققين إنما حرم اللعب بالنرد ولم يحرم .. اللعب بالشطرنج لأن المخطئ في الشطرنج إنما يحيل خطأه على فكره وأما في النرد فيحيل خطأه على القدر وهذا كفر وما يفضي إلى الكفر حرام فحرم النرد لذلك. اهـ.