العَمْد، في أن يثبت المال، ولا تثبت العُقُوبَة، وهذا الحكمُ صحيحٌ في السرقة، وقد ذكره مرةً في السرقة أما في القَتْل العمد، فهو خلافُ ما نصَّ عليه الأصحابُ على ما بيَّنَّاه، وليس له في "الوسيط" ذكْرٌ، بل فَرق في "باب السرقة" بين شهادتهم على السرقة، وشهادتهم على القتل، كما فعل غيره، ولا محمل لمَا جرَى هاهنا إلا السهو.
وليُعْلَمْ قوله:"يثبت" بالواو؛ للوجْه المذكور في السرقة.
وقوله:"وقع" بالواو؛ للوجه المسوِّي بين أن يتقدَّم التعليق أو يتأخر.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا ادَّعى مالاً عَلَى إنْسَانٍ، وَشَهِدَ له بِذَلِك شاهدان نُظِر. إن كان عيناً، وطلب المدَّعِي الحيلولةَ بَيْن المال المدَّعَى، وبين المدَّعَى عليه، ووقَفَها إلَى أن يُزَكَّى الشاهدان، أجيب إليه، إن كان المالُ مما يُخَاف عليه التعيُّب والضَّيَاع، وإن كان عقاراً، ففيه وجهان حكاهما الإِمام:
أشْبَهُهما: وهو قضية إطلاق أكثرهم أنَّه لا فرق.
والثاني: لا يُجَابُ؛ لأنه مأمونُ الضياع.
وحكى الشيخ أبو الفرج عن الإِصطخري: أنه لا ينْزَع العين أصلاً، وإن كان المدعَى دَيْناً، فلا يُستَوفَى قبل التزكية، وذكر القاضي ابن كج أن أبا الحُسَيْن بن القطَّان روى وجْهاً، أنه يُسَتْوفَى ويُوقَفُ، والظاهر الأولُ، ولو طلب المدَّعَى أن يحجر القاضي عليه، ففيه وجهان أوردَهُما الإِمام.
نقل عن الأكثرَين أنه لا يجيبه، لأن ضرر الحَجْر في غير المشْهُود به عظيمٌ، وعن القاضي الحُسَيْن؛ إن كان يُتَوَهَّم فيه الحيلة، حجر عليه، كيلا يَضِيع مالُه بالتصرُّفات، والأقاريرِ، وسكت عامة حامِلِي المذْهَب عن الحَجر، لكن قالوا: هل يُحْبَسُ المدَّعَى عليه، إذا كان المدَّعَى دَيْناً؟ فيه وجهان، قال صاحب "التهذيب":
أصحُّهما: أنه يُحْبَسُ؛ لأن المدَّعِي أتَى بما عليه، فالبحْثُ بعد ذلك من وظيفة القاضي، وظاهر الحالِ العدالةُ، وبهذا قال أبو إسحاق.