للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= رضي الله عنهم وذهب أبو حنيفة، وأصحابه، والأوزاعي، والشعبىُّ، والنخعي، وزيد بن علي، وابن شبرمة، والإِمَامُ يحيى إلى عدم جواز الحكم بشاهد ويمين. وقال محمد بن الحسن من قضى بشاهد ويمين نقضت حكمه. وقال الحكم: القضاء بشاهد ويين بدعة وأول من حكم به معاوية.
الأدلة: استدل المجوزون بما يأتي:
١ - عن سيف بن سليمان عن قيس بن سعد عن عمرو بن دينار عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: أَنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى بيمين وشاهد. رواه أَحْمَدُ وأبو داود وابن ماجه. وفي رواية لأحمد إِنَّمَا كان ذلك في الأموال.
٢ - عن جعفر بن محمد عن أبيه عن أمير المؤمنين علي رضي الله تعالى عنه. أَن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قضى بشهادة شاهد واحد ويين صاحب الحق، وقض به أمير المؤمنين علي بالعراق. رواه أحمد والدارقطني. وذكره الترمذي.
٣ - عن ربيعة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة. قال قضى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم باليمين مع الشاهد الواحد. رواه ابن ماجه والترمذي. وأبو داود، قال عبد العزيز الدَّرَاورْدِيُّ فذكرت ذلك لسهيل. فقال أخبرني ربيعة، وهو عندي ثقة أني حدثته إِيَّاهُ ولا أحفظه. قال عبد العزيز كان أصاب سهيلاً علة أذهبت بعض عقله، ونسي بعض حديثه. فكان سهيل بعد يحدثه عن رييعة عنه عن أبيه.
واحتج المانعون بما يأتي.
١ - بقوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}.وجه الاستدلال أَنَّ الآية قد انتظمت شيئين من أمر الشهود. أحدهما العدد والآخر الصفة، وهي العدالة المأخوذة من قوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}.تنافي الشركة. وحيث إنّه لم يجز إسْقَاط العدالة والاقتصار على ما دونها لم يجز إسقاط العدد. لأن الآية مقتضية استيفاء الأمرين في تنفيذ الحكْم بها، فغَيْر جائزٍ إسقاطُ واحد منهما. وأيضاً، فلما أراد الله الاحتياط في إجازة شهادة النساء، أوجب شهادة المرأتين، وقال {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} لو أجيز الحكم بشاهد ويمين، لما كان هناك حاجة؛ لأن تذكر إحدى المرأتين الأخرى، إذا ما ضلت؛ لأن الشاهد وحده مع اليمين كاف، ثم قوله تعالى: {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا} ينفي قبول الشاهد واليمين، لما فيه من الحكم بغير ما أمر الله من الاحتياط، والاستظهار، ونفي الريبة والشك، وفي قبول يمين الطالب أعظم الريب والشك وأكبر التهمة؛ وذلك خلاف مقتضى الآية.
وأيضاً، لو قبلت شهادة شاهد واحدٍ مع يمين الطالب، لكان زيادةً على ما جاء به القرآن، والزيادةُ نسخ، وأخبارُ الآحادِ لا تنسخ المتواتر.
بما روي عن ابن عباس أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قضى باليمين على المُدَّعَى عليه، وأخرجه الطبراني من رواية سفيان عند نافع عن ابن عمر بلفظ "البينةُ على المُدَّعي واليَمِينُ عَلَى مَنْ أنْكَرَ" وأخرجه البيهقي من طريق عبد الله بن إدريس عن ابن جريج وعثمان بن الأسود عن أبي مُلَيْكَة قال: كنتُ قاضياً لابن الزبير على الطائف، فذكر قصة المرأتين اللتين ادعت إحداهما على الأخرى أنها جرحتها، فكتبت إلى ابن عباس، فكتب إليَّ أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لادَّعى =

<<  <  ج: ص:  >  >>