للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= رِجَالٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِن البَيِّنَةُ عَلَى مَنْ ادَّعَى وَاليَمِيْنُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ ... " بدل قوْل النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- "البينة على من ادَّعَى، واليمين على من أنكر على التفريق بين البينة واليمين، وغير جائز أن تكون اليمين بينة، إذ لو جاز، لكان بمنزلة قول القائل "البينة على المدعي، والبينة على المدعى عليه" وحيث إنِّ اليمين خلافُ البينة. وقد قسم النبي -صلى الله عليه وسلم- بين الخَصْميْنِ فجعَلَ عَلَى المُدَّعي البينة، وعلى المنكر اليمين، فلا يجوز الحكم بشاهد ويمين.
وأيضاً جعل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم جنس البينة على المدعى، وجنى الأيمان على المنكر. وحينئذ تكون جميع أفراد البينة على المدعين، وجميع أفراد اليمين على المنكرين. فلو حلف المدعى مع الشاهد كان مخالفاً للنص.
وقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "لَوْ أُعْطِيَ النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ ... الخ". يدل على بطلان القول بالشاهد واليمين. إِذ إِنَّ اليمين هي دعواه؛ لأنه مخبرها ومخبر دعواه واحد فلو استحق بيمينه كان مستحقاً بدعواه. وقد منع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ذلك.
٣ - بما روى عن علقمة بن حجر عن أبيه في الحضرمي الذي خاصم الكندي في أرض ادَّعَاهَا في يده وجحد الكندي. فقال النبي عليه الصلاة والسلام للحضرمي: "شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِين لَيْسَ لَكَ إِلاَّ ذَلِكَ" نفى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أَنْ يستحق شيئاً بغير شاهدين، وأخبر أنه لا شيء له غير ذلك.
ويرد على أدلة المجوزين ما يأتي.
١ - يرد على حديث ابن عباس أَنَّ سيف بن سليمان ضعيف. ثم إِنَّ الطحاوي أَعَلَّ هذا الحديث بأنه لا يعلم قيساً يحدث عن عمرو بن دينار. وقال الترمذي في العلل. سألت محمداً يعني البخاريَّ عن هذا الحديث فقال: "لم يسمعه عندي عمرو منه ابن عباس.
٢ - قال البَيْهَقِيُّ في حديث جعفر رَوَى إبراهيم بن أبي هنيد عن جعفر عن أبيه عن جابر رفعه. أتاني جبريل وأمرني أن أقضي باليمين مع الشاهد وإبراهيم ضعيف جداً رواه ابن عدي، وابن حبان في ترجمته. وقيل: إِنه أخطأ فيه فذكر فيه جابراً. وإِنَّمَا هو عن أبي جعفر محمد بن علي ابن النبي صلى الله عليه وسلم.
٣ - يرد على حديث أبي هريرة، أَنَّ سهيلاً: أنكر أنه حدث به ربيعة، مثل هذا الحديث لا يثبت به شريعة مع إنكار من روى عنه إِيَّاهُ وفقد معرفته به. ولكن الحافظ في "الفتح" قال في هذا الحديث رجال مَدَنِيُّونَ ثقات، ولا يضر أن سهيل بن أبي صالح نسيه بعد أن حدث به ربيعة, لأنه كان بعد ذلك يرويه عن ربيعة عن نفسه.
هذا ما ورد على سند هذه الأحاديث، ثم هي بعد يحتمل أن يكون المعنى قضى تارة بشاهد يعني بجنسه، وتارة بيمين فلا دلالة فيها على الجمع بينهما. ولئن سلم أن هذه الأحاديث تقتضي الجمع فليس فيها ما يدل على أن اليمن هو يمين المُدَّعى. بل يجوز أن يكون المراد يمين المدعى عليه. ويحتمل أن يكون الحكم بشاهد ويمين فيمن اشترى جارية وادَّعَى عيباً في موضع لا يجوز النظر إليه إلا لعذر، فتقبل شهادة الشاهد الواحد في وجود العيب، ويُسْتَحْلَفُ المشتري مع ذلك بالله ما رضي به، فيكون قد قضى بالرد على البائع بشهادة شاهد مع يمين الطالب، وهو المشتري ورد على أدلة المانعين ما يأتي.
١ - يرد على الاستدلال بالآية. أنه دلالتها على عدم جواز الحكم بشاهد ويمين إِنَّما هي =

<<  <  ج: ص:  >  >>