للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع:

لو كان للغائب من الوَرَثَةِ وَكِيلٌ، وقد أقام الحاضر البَيِّنَةَ ذكر الشَّيْخُ أبو عَاصِمٍ: أن الوكيل هو الذي يَقْبِضُ نَصِيب الغَائِبِ، دون القاضي، وإن لم يكن، فالقاضي يَقْبِضُ، ويؤجر كيلا يُفَوِّتَ المنافع والله أعلمَ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: (الثَّانِي) لَوِ ادَّعَيَا أَنَّ أَبَاهُمَا وَقَفَ عَلَيْهِمَا ضَيْعَةً وَقْفَ تَرتِيبٍ ثَبَتَ الوَقْفُ بِيَمِينٍ وَشَاهِدٍ، فَإنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَسْتَحِقَّ نَصِيبَهُ وَاسْتَحَقَّ الآخَرُ، فأَمَّا إِذَا مَاتَا فَنَصِيبُ الحَالِفِ لاَ يَسْتَحِقُّهُ البَطْنُ الثَّانِي بِغَيْرِ يَمِينِ تَفْريعاً عَلَى أَصَحِّ القَوْلَيْنِ وَهُوَ أَنَّ البَطْنَ الثَّانِيَ يَأْخُذُ الحَقَّ مِنَ الوَاقِفِ لاَ مِنَ البَطْنِ الأَوَّلِ، ونَصِيبُ النَّاكِلِ يَثْبُتُ لِلبَطْنِ الثَّانِي أيْضاً إِذَا حَلَفُوا، وَإِذَا نَكَلُوا جَمِيعَاً حَلَفَ البَطْنُ الثَّانِي إِذَا مَاتُوا، وَإِنْ حَلَفُوا أَخَذَ البَطْنُ الثَّانِي بِاليَمِينِ، وَلَوْ مَاتَ الحَالِفُ وَحْدَهُ صُرِفَ نَصِيبُهُ إِلَى النَّاكِلِ فِي وَجْهٍ، وَإِلَى وَلَدِ الحَالِفِ فِي وَجْهٍ، وَيُحْكَمُ بَأَنَّهُ تَعَذَّرَ مَصْرِفُهُ فِي وَجْهٍ، وَيَبْطُلُ الوَقْفُ فِيهِ أَو يُصْرَفُ إِلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَى الْوَاقِفِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: هل يثبت الوَقْفُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ؟

إن قلنا: إن المِلْكَ فيه لِلْوَاقِفِ، أو المَوْقُوفِ عليه، فنعم.

وإن قلنا: لله تَعَالَى -فوجهان، أو قَوْلاَنِ:

أحدهما: وبه قال المُزَنِيُّ وأبو إِسْحَاقَ: لا، كالعِتْقِ.

والثاني: وبه قال ابن سُرَيْجٍ، وأبو الطيب بن سَلَمَةَ، نعم؛ لأن المَقْصُودَ منه اسْتِحْقَاقُ المَنَافِع، والفَوَائِدِ، فأَشبه [استئجار] (١) بَدَنِ الحُرِّ، وليس كالعتق؛ لأن المَقْصُودَ هناك تَكْمِيلُ الأَحْكَامِ، وإِثْبَاتِ الوِلاَيَاتِ، ولأن الوَقْفَ لا يَنْفَكُّ عن أحكام المِلْكِ، ألا ترى أنه إذا أَتْلَفَ وجبت قِيمَتُهُ بخلاف العِتْقِ؟ والعِرَاقِيُّونَ يَمِيلُونَ إلى تَرْجِيحِ الأول، ويَنْسِبُونَهُ إلى عَامَّةِ الأصحاب، لكن الثَّانِي أقوى في المعنى، وهو المَنْصُوصُ عليه للشَّافِعِيِّ -رضي الله عنه-.

والأصح عند الإمَامِ، وصاحب "التهذيب"، وغيرهما، والمذكور في الكتاب (٢).


(١) سقط في: ز.
(٢) قال الشيخ البلقيي: محل ما ذكر فيما إذا لم يكن المقصود إلاَّ ثبوت الوقف فإن كان المقصود ثبوت الملك كما إذا نازع منازع الواقف. ادعى أنه ملك له وأنه وقفه فأقام شاهداً وحلف معه ثبت الملك وثبت الوقف بإقراره.

<<  <  ج: ص:  >  >>