للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلنا: يَأْخُذُونَ باليَمِينِ، فلو كان الاسْتِحْقَاقُ بعد الثلاثة المُدَّعِينَ، للمساكين، أو الفُقَرَاءِ، يُنْظَرُ، إن كانوا مَحْصُورينَ [كفقراء قَرْيةٍ، أو مَحِلَّةٍ، فكذلك الجواب. وإن لم يكونوا مَحْصُورِين] (١)، فيبطل الوقْفُ، وتعود الدَّارُ إِرْثَاً، أو يصرف إليهم بغير يَمِينٍ.

فيه وجهان.

وعن "المجرد"، للقاضي أبي الطَّيِّب؛ أنه يُصْرَفُ إلى أَقْرَب النَّاسِ، إلى الواقف، بناء على أنه تَعَذَّرَ مَصْرِفُهُ، كالوَقْفِ الذي يَقَعُ فيه انْقِطَاعٌ، وفيه اخْتِلافٌ مذكور في الوَقْفِ (٢). فلو مات أحد الحَالِفِينَ، فيصرف نَصِيبُهُ إلى الآخرين، فإن مات ثَانٍ، صُرِفَ الكُلُّ إلى الثَّالِثِ؛ لأن اسْتِحْقَاقَ البَطْنِ الثاني بعد انْقِرَاضِ الأولين، وأخذ الآخرين يكون بيمين، أو بغير يمين.

إن أَغْنَيْنَا البَطْنَ الثاني عن اليَمينِ، فهما أَوْلَى، وإن أَحْوَجْنَاهُمْ إليها، فوجهان: في أحدهما -يحلفان لانْتِقَالِ الحَقِّ إليهما من غيرهما، وفي أظهرهما- لا يَحْلِفَانِ؛ لأنهما قد حَلَفَا مَرَّةً، وصارا من أَهْلِ الوَقْفِ، فَيَسْتَحِقَّانِ بحسب شَرْطِ الوَاقِفِ تَارَةً أقل، وتارة أكثر.

الحالة الثانية: إذا نَكَلُوا جميعاً عن اليَمِينِ مع الشَّاهِدِ، فالدار تَرِكَةٌ، تقضى منها الدُّيُونُ، والوَصَايَا، ويُقَسَّمُ الباقي على الوَرَثَةِ، ويكون حِصَّةُ المدعين وَقْفاً، بإقرارهم، وحِصَّةُ سَائِرِ الوَرَثَةِ طلقاً لهم، فإذا ماتوا، فالذي ذكره القاضي ابْنُ كَجٍّ، والإمام، وصاحب "التهذيب"، في كتبهم: أنه لا تُصْرَفُ إلى أولادِهِم بغير يَمِينٍ، يعنون على سبيل الوَقْفِ، ولا يكون إقرار الأوّلين [لأنها لهم] (٣).

وفي "الشامل"، وأمالي أبي الفَرَجِ: أن حِصَّتَهُمْ تكون وَقْفاً على أولادهم، حَسَبَ ما أَقَرُّوا به. ولا حَاجَةَ بهم إلى اليَمِينِ. ويمكن أن يكون هذا الاخْتِلاَفُ مَبْنِياً على؛ أن البَطْنَ الثَّانِي يأخذون من الوَاقِفِ، أو من البَطْنِ الأول، فإن أَرَادَ الأَوْلاَدُ أن يَحْلِفُوا، ويأخذوا جَمِيعَ الدَّارِ وَقْفاً، فهل لهم ذلك؟ فيه قولان:

سواء قلنا: إنه لو لم يَحْلِفُوا ألا يكون شَيْءٌ منها وَقْفاً أو قلنا: إن حصة الأولين تبقى وقفاً وإن لم يحلفوا، واختلفوا في مَحَلِّ هذين القَوْلَيْنِ. فمن قائل: هما مُتَأَصِّلاَنِ. غير مبنيين على شَيْءٍ، يُوَجَّهُ أحدهما بأن البَطْنَ الثَّانِي تبع (٤) الأول، وإذا لم يَحْلِفُوا، لم يحلفوا.


(١) سقط في: أ.
(٢) قال النووي: الأصح يأخذون بلا يمين وتسقط هنا لتعذرها ولا يبطل الوقف بعد صحته ووجود المصرف بخلاف المنقطع.
(٣) في ز: لأن ما عليهم.
(٤) في أ: يمنع.

<<  <  ج: ص:  >  >>