للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إذا سمع إنْسَاناً يقول: لفلان على [فلان] (١) كذا، أو أَشْهَدُ أن لفلان على [فلان] كذا، لا على صُورَةِ أداء (٢) الشَّهَادَةِ، فلا يجوز أن يَشْهَدَ على شَهَادَته؛ لأنه قد يريد عِدَةً كان قد وَعَدَهَا، وقد ليشير بكَلِمَة "عليَّ" أن مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ الوَفَاءُ بها، وتنزيلها منزلة الدُّيُونِ، وأيضاً قد يَتَسَاهَلُ بإطلاق ذلك، لِغَرَضٍ صحيح، أو فَاسِدٍ، فإذا آلَ الأَمْرُ إلى [إِقَامَةِ] (٣) الشهادة أَحْجَمَ. وكذا لو عندي شَهَادَةٌ بكذا, ولكن لو قال: عندي شَهَادَةٌ مَجْزُومَةٌ، أو شهادة أديتها ولا أماري فيها وما أَشْبَهَ ذلك، ففي جَوَازِ التَّحَمُّلِ وجهان؛ نقلهما الإِمَامُ، والموافق فيهما لإِطْلاَقِ الأكثرين المَنْعُ أيضاً، وَلاَ بُدَّ من تَعَرُّضِ الأَصْلِ للفظ الشَّهَادَةِ، فلو قال: أَعْلَمُ، أو أخبر، أو أَسْتَيْقِنُ، لم يَكْفِ، كما لو أَتَى الشَّاهِدُ عند إِقَامَةِ الشَّهَادَةِ بهذه الألْفَاظِ، فإنه لا يَحْكُمُ بها القاضي.

قال الإِمام: وأَبْعَدَ بعض أصحابنا، فأقام اللَّفْظَ الذي لا يُتَردَّدُ فيه، مَقَامَ لَفْظِ الشهادة، ولا يُشْتَرَطُ أن يقول في الاسترعاء: أشهدك على شَهَادتي [أو عن شهادتي] (٤) لكنه أتم بقوله: أشهدك على شهادتي تحميل.

وقوله: "عن شهادتي إِذْنٌ في الأَدَاء كأنه يقول: أَدِّهَا عَنِّي، ولإذنه أثر في الطرفين، ألا تَرَاهُ لو قال له بعد التَّحْمِيل: لا تُؤَدِّ عني تلك الشَّهَادَةَ امْتَنَعَ عليه الأَدَاءُ وفي "الشامل" أن بعض الأصحاب شَرَطَ في الاسْتِرْعَاءِ ذلك، وإذا حصل الاسْتِرْعَاءُ لم يختص التحمل بمن اسْتَرْعَاهُ كأنه يقول لِلْفَرْعِ: اقبل على شهادتي وتحملها؟

والثاني: إذا سَمِعَهُ يَشْهَدُ عند القَاضِي أن لفلان على فلان كذا، فله أن يشهد على شهادته، وإن لم يَسْتَرْعِهِ؛ لأنه لا يتصدَّى إِقَامة الشهادة عند القاضي إلا بعد تَحَقُّقِ الوُجُوبِ.

وللقاضي أيضاً أن يَشْهَدَ على شهادته عند قَاضٍ آخر، والشَّهَادة عند المُحَكِّمِ، كالشهادة (٥) عند الحَاكِم، سواء جَوَّزْنَا التحكيم، أَو لم يُجَوِّزهُ؛ لأنه لا يَشْهَدُ عند المُحَكِّمِ أيضاً إلا وهو جَاَزِمٌ بثبوتِ المشهود به.

وعن الإصْطَخْرِيِّ: أنه إنما تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عند المُحَكِّمِ، إذا جَوَّزنَا التَّحْكِيم.

أما على القول الآخر، فلا.

والثالث: إذا بَيَّنَ تثبيت الوُجُوب، فقال: أَشْهَدُ أن لفلان على فلان كذا في ثَمَنِ مَبِيعٍ، أو قَرْضٍ، أو أَرْشِ جِنَايَةٍ، فتَجوز الشَّهَادَةُ على شَهَادَتِهِ، وإن لم يَشْهَدْ عند


(١) سقط في: أ.
(٢) في ز: إذا.
(٣) سقط في: أ.
(٤) سقط في: ز.
(٥) في أ: بالشهادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>