للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإِمام: وهذا هو الذي لا يَجُوزُ غيره، وجَمِيعُ ما ذكرنا فيما إذا شَهِدَ الفُرُوعُ على شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، فإن شَهِدُوا على شَهَادَةِ رجل وامرأتين، فعلى القول الأول، لاَ بُدَّ من سِتَّةٍ؛ يَشْهَدُ كل اثنين منهم على شَهَادَةِ وَاحدٍ، وعلى الثَّاني، يكفي شَهَادَةُ الاثنين على شهادة الكُلِّ؛ وإن شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ أربع نِسْوَةٍ فِي وِلاَدَةٍ، أو رِضَاعٍ، فعلى الأول، لاَ بُدَّ من ثمانية؛ يَشْهَدُ كُلُّ اثْنَيْنِ على شَهَادَةِ واحدة، وعلى الثاني، يكفي اثْنَانِ للكل.

وعلى الوَجهِ الثَّاني، نقله القَاضِي ابْنُ كَجٍّ في أن شَهَادَةَ النِّسَاءِ على [شهادة] (١) النساء مَقْبُولَةٌ في الوِلاَدَةِ.

وحكى وَجْهَيْنِ في أنه يكفي شَهَادَةُ أربع على شَهَادَةِ أربع، أم لاَ بُدَّ من سِتَّ عَشَرَةَ؟ ليشهد كُلُّ أربعَ مِنْهُنَّ على واحدة، ولو شهد على شَهَادَةِ الفُرُوعِ فُروعٌ، واعتبرنا أن يَشْهَدَ فَرعانِ على شَهَادَةِ أَصْلٍ، وآخران على شَهَادَةِ الأصل الثاني، فيجب أن يَشْهَدَ على شَهَادَةِ كُلِّ فَرْعٍ من الفروع الأربعة الثْنَانِ، [فيجتمع] (٢) ثمانية ثم شهادتهم لا تَثْبُتُ إلا بِسِتَّةَ عَشَرَ. وعلى هذا القِيَاسُ.

وإذا قلنا: بِجَرَيَانِ الشَّهَادَةِ على الشهادة في حدود الله تَعَالَى، فتثبت شهادة الزِّنَا بأربعة؟ أم يكفي اثنان؟ فيه قولان كالقَوْلَيْنِ في الإقْرَارِ بالزِّنَا.

ووجه الشَّبَهِ، أن كُلّ واحد منهما قَوْلٌ يَثْبُت به الزِّنَا، وَيتَوَلَّدُ من ازْدِوَاج هذا الأَصْلِ، والأصل السابق، وهو أنه هل يُعْتَبَرُ أن يَشْهَدَ على شَهَادَةِ كُلِّ أصل فَرْعَانِ؟

أربعة أقوال في عَدَدِ الفُرُوعِ في الزِّنَا. فإن قلنا: تَثْبُتُ شَهَادَةُ الزنا باثنين، وقلنا: تجوز شَهَادَةُ فَرْعَيْنِ على شهادة الأصْلَيْنِ مَعاً، كفى اثنان.

وإن قلنا: تَثْبُتُ شَهَادَةُ الزِّنَا باثنين، ولكن يُعْتَبَرُ أن يشهد على شَهَادَةِ كل أصل فَرْعَانِ، فلا بد من ثَمَانِيَة. وإن قلنا: إن شَهَادَةَ الزِّنَا لا تَثْبُتُ إلا بأربعة، فإن قلنا: تجوز شَهَادَةُ فَرْعَيْنِ على شهادة الأَصْلَيْنِ معاً، كفى هاهنا أن يَشْهَدَ أَرْبعَةٌ على شهادة الأربعة الأُصُولِ فإن قلنا: يُعْتَبَرُ أن يَشْهَدَ على شهادة كُلِّ أصل فَرعَانِ، فهاهنا يجب أن يَشْهَدَ على شَهَادَةِ كُلِّ وَاحِدٍ من الأربعة أَرْبَعَةٌ. فيجتمع سِتَّةَ عَشَرَ. وهذا إذا فَرَّعْنَا على جَرَيَانِ الشهادة على الشَّهَادَةِ في الحدود، والأَصَحُّ المَنْعُ على ما تَقَدَّمَ. والله أعلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: الرَّابعُ: أنَّه لاَ يَسْمَعُ شَهَادَةَ الفَرْعِ إِلاَّ إِذَا مَاتَ الأَصْلُ أَو مَرِضَ مَرَضَاً يَشُقُّ عَلَيْهِ الحُضُورُ أَوْ غَابَ فَوْقَ مَسَافَةِ القَصْرِ، فَإنْ كَانَ دُونَهَا وَفَوْقَ مَسَافَةِ العَدْوَى فوَجْهَانِ، وَخَوْفُ الغَرِيمِ وَكُلّ مَا تُتْرَكُ بِهِ الجُمْعَةُ كالمَرَضِ.


(١) سقط في: ز.
(٢) في ز: يجتمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>