للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَأْخُوذُ مَضْمُوناً على الآخِذِ حتى إذا تَلِفَ قبل البَيْعِ والتملك، تَلِفَ من ضمانه؟

فيه وجهان: في وجه نعم (١)؛ لأنه أَخَذَهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ، فأشبه المُسْتَامَ وبل أَوْلَى؛ فإن المَالِكَ لم يَأْذَنْ فيه، ولأن المُضطَرَّ إذا أخذ ثَوْبَ الغَيْرِ لدفع الحَرِّ، وتَلِفَ فِي يَدِهِ يَضْمَنُ وكذلك هاهنا وفي آخر: لا؛ لأنه مَأْخُوذٌ للتَّوثُّقِ والتَّوَصُّلِ به إلى الحَقِّ، فأشبه الرَّهْنُ

وإذن الشرع في الأَخْذِ، يَقُومُ مَقَامَ إِذْنِ المالك. وهذا أَصَحُّ عند القاضي الرُّوياني، والأول أَقْوَى في المعنى، وهو الذي أَوْرَدَهُ الصَّيْدَلاَنِيُّ، والإمام، وصاحب الكتاب -رحمهم الله [وايَّانا] (٢) -. وإذا قِيل به ينبغي أن يُبَادرَ إلى البَيْعِ بِحَسَبِ الإِمْكَانِ فإن قصر، فَنَقُصَتْ قِيمَتُهُ ,ضَمِنَ النُّقْصَانَ.

وإذا فرض في القيمة انْخِفَاضٌ وارْتفَاعٌ، وتَلِفَ، فهي مَضْمُونَةٌ عليه بالأكثر، كذلك ذكره في "التهذيب".

ولو اتَّفَقَ ردّ العين، لم يضمن نُقْصَانَ القيمة، كالغَاصِبِ ولو باعه، وتَمَلَّكَ ثَمَنَهُ، ثم وفَّي المُسْتَحَقّ دَيْنَهُ عليه، ففيما علق عن الإِمام: أنه يجب أن يَرُدَّ إليه قِيمَةَ المَأْخُوذِ؛ كما إذا (٣) ظَفِرَ المالك بغير جِنْسِ المَغْصُوب من (٤) مال الغاصب (٥)، وأخذه، وبَاعَهُ، ثم رَدَّ الغَاصِبُ المَغْصُوبَ، كان على المَالِكِ: أن يَرُدَّ قِيمَةَ ما أَخَذَهُ وباعه، لكن أَخْذَ المستحقِّ، وبَيْعَهُ، وتَمَلُّكَهُ بالثمن، نَازِلٌ مَنْزِلَةَ دَفْعِ المستحق عليه.

وما دام المَغْصُوب باقياً، فهو المُسْتحقّ، والقيمة تؤخذ لِلْحَيْلُولَةِ، فإذا رَدَّ العين، فَتُرَدُّ القيمة؛ كما لو دفع القِيمَةَ بِنَفْسِهِ. وهاهنا المستحق الدَّيْن، فإذا باع وأخذ، فما ينبغي أن يَرُدَّ شيئاً، ولا أن يُوفّر عليه بعد ذلك شَيْءٌ -والله أعلم-.


(١) مقتضاه جريان هذا الخلاف فيما إذا كان المأخوذ من جنس حقه أو غيره، لكن الأصحاب إنما صوروه في غير الجنس ليستوفي من ثمنه بيعه فتلف قبل ذلك، أما إذا كان من جنسه فقد سبق أنه يملكه بالأخذ ولا يحتاج إلى إحداث تملك جديد، وحينئذ فيدخل في ضمانه بمجرد الأخذ بهذا القصد بلا خلاف. وتال بعضهم: الخلاف في الضمان وعدمه في غير الجنس إذا لم يتمكن من بيعها فإن تمكن واستعادها ضمن وجهًا واحداً. قاله الماوردي، وفي الكفاية القطع بالضمان إذا ظفر بغير جنسه وقيمته قدر حقه وأتلف في يده.
(٢) سقط في: أ.
(٣) في ز: إن.
(٤) في ز: في.
(٥) هذا الذي نقله عن التعليق عن الإِمام أنه يجب أن يرد إليه جزم به القاضي الحسين في تعليقه، وكذلك هو موجود في النهاية للإمام فيما إذا غصب عينًا، وظفر بعين غيرها لا في الدين، وما حاوله من أنه ينبغي ألا يرد شيئأ ولا يعطي شيئًا تخرج منه التفصيل بين أن يكون المستحق الدين فلا يرد والجن المغصوبة فيرد لكن القاضي الحسين صرح في إحدى التعليقتين بذلك في العين المغصوبة وصرح في الأخرى بالآخرى فقال: فإن رد الدين عليه يوماً يرد عليه قيمة ما أخذ.

<<  <  ج: ص:  >  >>