للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم إذا اتَّصَلَ بها الإِقْبَاضُ، فإن قلنا: يحصل المِلْكُ عند القَبْضِ، فحيئذٍ يَنْقَطِعُ التدبير، وإن قلنا: يتبين اسْتِنَادُ المِلْكِ إلى حَالَةِ الهِبَةِ، فهل يَتبَيَّنُ انْقِطَاعُ التدبير من وقت الهِبَة؟

فيه تَرَدُّدٌ، وكذا لو فرض بيع بشرط الخِيَارِ، وقلنا: إنه يُزيلُ المِلْكَ، فَهَلْ يبطل التدبير قبل لزوم البَيْعِ؟

فيه تَرَدُّدٌ. قال: وأَثَرُ ذلك أَنَّا إذا قلنا: إنه لو زَالَ المِلْكُ على وجه اللزوم، وعاد الثدبير فيقطع (١)، فلو زَالَ على الجَوَازِ، وعاد فهل يحكم بانْقِطَاعِ التدبير؟

فيه تَرَدُّدٌ، والذي أَطلَقَهُ صاحب "التهذيب" أن البَيْعَ بِشَرْطِ الخِيَارِ يُبطِلُ التَّدْبِيرَ على القولين، ولو باع نِصْفَ المُدَبَّرِ، أو وَهَبَ وأقبض، بطل التدبير في النِّصْفِ المبيع أو الموهوب، وبقي في الباقي.

وحكى القاضي ابْنُ كَجٍّ طرُقَاً في أن رَهْنَ المُدَبَّرِ هل يَرْفَعُ التدبير؟

أظهرهما: البِنَاءُ على أنه وَصِيَّةٌ، أو تَعْلِيقُ عِتْقِ بصفة.

والثاني: أنه ليس بِرُجُوعٍ على القولين؛ لأن الرَّهْنَ لا يزيل الملك.

والثالث: أنه رُجُوعٌ على القولين، كما سبق مِثْلُهُ في الهِبَةِ قبل القبض، ومجرد الإيجَابِ في الهِبَةِ والرَّهْنِ، إن جعلناه وَصِيَّةً على الخِلاَفِ المذكور في الوَصِيَّةِ أنه هل يكون رُجُوعاً وإن جعلناه تَعْلِيقاً، فلا أَثَرَ له، ولا يرتفع بالاسْتِخْدَامِ والتزويج على القَوْلَيْنِ، وإذا جعلناه وَصِيَّةً فترفع بالعَرْضِ على البيع، وسائر ما ذكرناه في باب الوَصِيَّةِ.

نعم الوطء ليس برجوع عن التدبير، وإن جَعَلْنَاهُ وَصِيَّةً، سواء عَزَلَ، أو لم يَعْزِلُ، بخلاف ما في الوَصِيَّة، فإنَّا قد نجعل الوَطْءَ في تَرْكِ العَزْلِ رُجُوعاً؛ لأنه يَدُلُّ على قَصْدِ الإِمْسَاكِ، وهاهنا إذا ترك العَزْلَ، فَأَحْبَلَ يَحْصُلُ الاسْتِيلاَدُ، وأنه يحقق مَقْصُودَ التدبير، ويُؤَكِّدُهُ، وهو العِتْقُ.

فإن اسْتَوْلَدَهَا، فالذي أورده أَكْثَرُ سَلَفِ الأصحاب وخَلَفُهُمْ -رحمهم الله- أنه يبطل التدبير؛ لأن الاسْتِيلاَدَ أَقْوَى، فيرتفع به الأَضْعَفُ، كما يرتفع [به] (٢) مِلْكُ النِّكَاحِ بِمِلْكِ اليمين، ولو دَبَّرَ مستولدته لم يَصِحَّ؟ لأنها تَسْتَحِقُّ العِتْقَ بالموت بِجِهَةٍ هي أَقْوَى من التدبير، وفي طريقة الصَّيْدَلاَنِيِّ: أنه لا يَبْطلُ التَّدْبِيرُ، ويكون لِعِتْقِهَا يوم موت السَّيِّدِ سَبَبَانِ، وعلى هذا جَرَى الإِمَامُ، وصاحب الكتاب، مع اعتراف الإِمام بأنه لا أَثَرَ لِبَقَاءِ التدبير.

وقال الرُّوَيَانِيُّ في "الكافي": وقيل: لا يقول بِبُطلاَنِ التدبير، ولكنه يدخل في الاسْتِيلاَدِ، كما لو طَرَأَتِ الجَنَابَةُ على الحَدَثِ، ولو كاتب المُدَبَّرَ فهل يرتفع التَّدْبِيرُ؟


(١) في ز: فقطع.
(٢) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>