للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التدبير تَعْلِيقٌ، وأما إذا جَعَلْنَاهُ وَصِيَّةً، فلا يتبعها الوَلَدُ، بلا خلاف، كما لو أوصى بِجَارِيَةٍ لإنسان، فَأَتَتْ بِوَلَدٍ، فهذه طريقة ثَالِثَةٌ، وعن الشيخ أبي محمد أنه يحتمل أن يَجْرِي القَوْلانِ في وَلَدِ الموصى بها لإنسان (١). قال الإِمَامُ: والأَظْهَرُ القَطْعُ بالمَنْعِ.

والشافعي -رضي الله عنه- إنما رَدَّدَ القَوْلَ في وَلَدِ المُدَبَّرَةِ على مذهب التَّشْبِيهِ بالمُسْتَوْلَدَةِ، وهذا التشبِيهُ يَخْتَصُّ بِعَقْدِ العتَاقَةِ، والمُعَلَّقُ عِتْقُها بالصفة إذا أتت بِوَلَدٍ؛ هل يتبعها؟ [أيضاً] (٢) فيه قولان.

ورَتَّب الصَّيْدَلاَنِيُّ الخِلاَفَ هاهنا على الخلاف في وَلَدِ المُدَبَّرَةِ، والمنع هاهنا أَوْلَى. وجعله القَفَّالُ وغيره الأظهر (٣) وقالوا: ولد المدبرة إنما يَتْبَعُهَا لِمُشَابَهَتِهَا المستولدة من العتق بموت السَّيِّدِ.

والأَظْهَرُ: أنه لا فَرْقَ من مَجْيءِ القَوْلَيْنِ بين أن يكون التَّعْلِيقُ بما يحصل لا مَحَالَةَ كَطُلُوعِ الشمس، أو بغيره كَقُدُومِ زَيْدٍ، ودخول الدار.

وقيل بتخصيص القَوْلَيْنِ بالتَّعْلِيقِ بما يوجد لا مَحَالَةَ؛ لأنه يشبه التَّدْبِيرَ، وفي غيره لا يَتْبَعُهَا بلا خِلاَفٍ.

التفريع: إن (٤) جعلنا وَلَدَ المُدَبَّرَةِ مُدَبَّراً، فلو ماتت الأم في حَيَاةِ السَّيِّدِ، لم يبطل التدبير في الولد، كما لو دَبَّرَ عَبْدَيْنِ، فمات أحدهما قبل موت السَّيِّدِ، وكما إذا مَاتَتِ المُسْتَوْلَدَةُ لا يبطل حَقُّ العتق في الولد، ولو رجع السَّيِّدُ عن تَدْبِيرِهِ أَحَدَهُمَا، وجَوَّزنَاهُ، أو باع أحدهما لم يَبْطُلِ التدبير في الثاني، ولو كان الثُّلُثُ لا يَفِي إلاَّ بإحداهما، فعن ابن الحَدَّادِ: أنه يُفْرَعُ بينهما، كما لو دَبَّرَ عَبْدَيْنِ، وضاق الثلث عنهما، وهذا هو الأظهر، والمَذْكُورُ في الكتاب.

وفيه وَجْهٌ: أنه يُقَسَّمُ العِتْقُ عليهما؛ لأنَّا لو أقرعنا فربما تخرج القُرْعَةُ للولد، فَتُرَقُّ الأم وهي الأَصْلُ في التدبير، فيبعد أن تُرَقَّ، ويعتقُ الولد.

وإذا قلنا: إن المُعَلَّقَ عِتْقُهَا بالصفة يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا، فالمَعْنِيُّ به أن الصِّفَةَ إذا وجدت في الأُمِّ، وعتقت هي [بعتق الولد أيضاً ولتعتبر الصفة فيه- فإذا عَلَّقَ عتقها] (٥) بدخول الدَّارِ فدخلت عتقت، وعتقَ الوَلَدُ على هذا القول، ولو دَخَلَ الوَلَدُ بنفسه لم يعتق هذا هو [المشهور]. (٦)


(١) في أ: به.
(٢) سقط في: ز.
(٣) في ز: الأعم.
(٤) في ز: ولو.
(٥) سقط في: ز.
(٦) في ز: المشهود.

<<  <  ج: ص:  >  >>