للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العِوَضَ؛ لأن رفع اليَدِ عن المال بلا عِوَضٍ، لا يَخْلُو عن غَرَرٍ، وكذلك ليس له السَّلَمُ؛ لأن مُقْتَضَاهُ تَسْلِيمُ رَأْس المال في المَجْلِسِ، وانتظار المسلم فيه سِيَّمَا إذا كان السَّلَّمُ مُؤجَّلاً.

وفيه وجه: أنه يجوز التَّسْلِيمُ ليتسلم في الحال، أو في المَجْلسِ، ويحتمل هذا القَدْر. وهذا ما أَوْرَدَهُ الصَّيْدَلانيُّ. وعلى هذا فَيَجُوزُ له السَّلَمُ الحَالُّ.

وأطلق الإِمام وَجْهاً في السَّلَمِ بشرط الغِبْطَةِ أنه يَجْوزُ.

الرابعة: لا يكاتب المُكَاتَبُ عَبْدَهُ، كما لا يعتقه، خِلاَفاً لأبي حَنِيْفَةَ ولو أدَّى مُكَاتَبُهُ إليه المَالَ، لم يُعْتَقْ؛ لأن تَعْلِيقَهُ غير صحيح.

الخامسة: لا يَتَزوَّجُ المُكَاتَبُ، ولا يُزَوَّجُ مِنْ [عبد] (١)؛ لما فيه من المُؤَنِ، ولا [ينكح] (٢) المكاتبة أيضاً؛ لأنه تنتقص قيمتها، وأيضاً فلخطر الطَّلق، وله شِرَاءُ الجَوَارِي للتِّجَارَةِ، ولكن لا يجوز له التَّسَرِّي خَوْفاً من هَلاَكِ الجَارِيَةِ في الطَّلْقِ.

قال الإِمَامُ: وهو بِمَثَابَةِ منعِ الرَّهْنِ من وَطْءِ الجارية المَرْهُونَةِ.

وكان شَيْخِي لا يبعد إجْرَاءَ الوجهين في وطء الجارية التي يُؤْمَنُ حَبَلُهَا (٣) هاهنا، وهو غير مَرْضِيٍّ؛ لأن المُكَاتَبَ عَبْدٌ، والوَطْءُ يضعفه، ولا ضَبْطَ يجعل مَرْجُوعاً فيما يجوز، ويمنع منه، فالوجه حَسْمُ الباب، وللمنع من الوَطْءِ مَعْنى آخَرُ، وهو ضعف المِلْكِ، على ما سنذكر إن شاء الله تعالى.

السادسة: إذا لَزِمَ المُكَاتَبَ كَفَّارَةُ قَتْلٍ، أو ظِهَارٍ، أو يمين، فيكفر بالصَّوْمِ دون المَالِ؛ لأن مِلْكَهُ ليس بِتَامٍّ، وهو مستحق الصَّرْفِ إلى جِهَةٍ أخرى.

واعلم أن الصّوَرَ جَمِيعاً مَفْرُوضَةٌ فيما إذا لم يَأْذَنْ له السَّيِّدُ.

فأما إذا أذن له السيد في التَّصَرُّفَاتِ المَذْكُورَةِ، فسنذكر حكمه (٤) إن شاء الله -تعالى- في الفَصْلِ التالي لهذا الفَصْلِ.

" فرع عن القَفَّالِ":

إن وَصِيَّةَ المُكَاتَب غَيْرُ صحيحة، سواء أوصى بِعَيْنٍ من أَعْيَانِ مَالِهِ، أو بثلث ماله؛ ن مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ على ما في يَدِهِ. وعن أبي حنيفة: أنها تَصِحُّ إن أضاف إلى المَوْتِ والحرية، وإلاَّ لم تصح.


(١) في ز: عند.
(٢) سقط في: ز.
(٣) في أ: حملها.
(٤) في أ: حكمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>