للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبعد أن يجعل بَعْضَهُ له بالهِبَةِ. ولو وهب بإِذنِ السيد فرجع السيد عن الإِذْنِ، قبل إِقْبَاضِ المَوْهُوبِ لم يكن له إِقْبَاضُهُ.

ولو اشْتَرَى قَرِيبَهُ بِإذْنِ السَّيِّدِ، ففي صِحَّتِهِ القولان، فإن صححناه؛ يكاتب عليه.

وعن أبي إسحَاقَ المَرْوَزيِّ: طَرِيقَةٌ قَاطعة بالصِّحَّةِ؛ لأنه قد يَسْتَفِيدُ من أَكْسَابِهِ، وفيه صِلَةُ الرَّحِمِ. وإعتاق المُكَاتَب بإذن السيد مُرَتَّبٌ على سَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ، إذا جرت بإذنه. إن لم نُصَحِّحْهَا، فالعتق أوْلَى، وإن صححناها، ففيها قولان:

أصحهما: المنع أيضاً؛ لأنهما يعقبان الوَلاَءَ، والمُكَاتبُ ليس أهْلاً لِثُبُوتِ الوَلاَءِ له كالقِنِّ. ويحصل من هذا التَّرْتِيبِ طَرِيقَانِ، كما ذكر في الكتاب:

أظهرهما: أن فيه قَوْلَيْنِ؛ وقد نَصَّ عليهما في "المختصر".

والثاني: القَطعُ بالمنع.

ولو أَعْتَقَ عن سَيِّدِهِ، أو عن غيره بإِذْنِهِ، فهو كَسَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ بالإذْنِ، ولا يجيء فيه الطريقة القَاطِعَةُ؛ لأن المُعْتَقَ عنه من أهْل الوَلاَءِ. فإن قلنا بنفوذ العِتْقِ، فلمن يكون وَلاَءُ المعتق؟ فيه قولان:

أحدهما: أنه لِلسَّيِّدِ، وبه قال أبو حَنِيْفَةَ؛ لأن المُكَاتَبَ ليس بِأهْلٍ للولاء، وتَوْقِيفُ الوَلاَءِ بَعِيدٌ.

وَوَلاءُ المُكَاتَبِ إذا عُتِقَ للسيد، فلا يبعد أن يكون وَلاَءُ مُعْتِقِهِ له أيضاً.

وأظهرهما: أنه يُوقَفُ؛ لأن الوَلاَءَ لمن أَعْتَقَ، والسَّيِّدُ لم يَعْتِقْ، فإن عتق [المكاتب] (١) كان الوَلاَءُ له، وإن مات رَقِيقاً، كان الوَلاَءُ للسَّيِّدِ، كان عجز وَرُقَّ، حكى الإِمَامُ أنه يَبْقى التَّوَقُّفُ؛ لأنه يُرْتَقبُ عِتْقُهُ من وجوه أُخَرَ.

واعْتَرَضَ عليه، وقال: إذا رُقَّ ينبغي أن يكون الوَلاَءُ لِلسَّيِّدِ، ولا يرتقب عِتْقُهُ من وَجْهٍ آخر؛ لأنه إذا رُقَّ تَبَيَّنَ أن تَصرُّفَهُ على حُكْم اسْتِقْلاَلِ الكتابة قد انقطع، فالعِتْقُ من وَجْهٍ آخر لا يَتَعَلَّقُ بما سبق، والذي اعْتَرَضَ به (٢) هو الذي يوجد لِعَامَّةِ الأصحاب لا غَيْرَ. فإن جعلنا الوَلاَءَ لِلسَّيِّدِ؛ فلو عُتِقَ المُكَاتَبُ بعد ذلك، ففي انْجرَارِ الوَلاَءِ إليه وَجْهَانِ، عن رواية أبي علي الطَّبَريِّ، وصاحب "التقريب":

أظهرهما: المنع، وكأن السَّيِّدُ هو الذي أَعْتَقَهُ.

والثاني: وحكاه المُوَفَّقُ بْنُ طاهر عن تَخْرِيجِ ابن سُرَيْجٍ أنه ينْجَرُّ؛ لأنه الذي بَاشَرَ


(١) سقط في: ز.
(٢) في أ: عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>