للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالثة: الموالاة فهي شرط خلافاً للإصطخري فيما حكى صاحب "التتمة" عنه حيث قال: يجوز الجمع وإن طال الفصل بين الصلاتين ما لم يخرج وقت الأولى منهما، ويروى مثله عن أبي عَلِيّ الثقفي.

وقال الموفق بن طاهر: سمعت الشيخ آبا عاصم العبادي يحكي عن الإمام أنه لو صلَّى المغرب في بيته، ونوى الجمع، وجاء إلى المسجد وصلَّى العشاء فيه جاز، ووجه ظاهر المذهب ما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "لَمَّا جَمَعَ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ وَالَى بَيْنَهُمَا وَتَرَك الرَّوَاتِبَ بَيْنَهُمَا" (١).

لولا اشتراط الموالاة لما تركها، والمراد من الموِالاة أن لا يطول الفَصْلُ بينهما ولا بأس بالفصل اليسير؛ لأنَّهُ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أمْرُ الإقَامَةِ بَيْنَهُمَا" (٢) [وبماذا يفرق بين الطَّوِيل واليَسِير؟

قال الصيدلاني: حده أصحابنا بِقَدْرِ إتيان المؤذن بالإقامة] (٣) وهذا يوافق ما في الكتاب، فإنه قال: "وهي أن لا يفرق بين الصَّلاتَيْنِ بأكثر من قدر إقامة".

وقال أصحابنا العراقيون: الرجوع في الفَصْلِ بينهما إلى العادة، وقد تقتضي العادة احتمال الزائد على قدر الإقامة، وتدل عليه مسألة وهي: أن المتيمم هل له الجمع؟ عن أبي إسحاق أنه ليس له الجمع؛ لأنه [يحتاج] إلى طلب الماء، وتجديد التيمم، وذلك يُطَوِّل الفصل بينما فصار كما لو طَوَّل بشيء آخر.

وقال عامة الأصحاب: له الجمع كالمتوضئ يطلب للتيمم.

الثاني: طلباً خفيفاً، ولا ينقطع به الجمع؛ لأنه من مصلحة الصلاة فأشْبَه الإقامة، وذكر في "التهذيب" أنه المذهب، ومعلوم أن الطلب والتيمم يزيدان على قدر الإقامة المشروعة على الإدراج فيجوز، أن يعلم قوله: (بأكثر من قدر إقامة) بالواو، ولما ذكرناه، ومتى طال الفصل بقدر ضم الثانية إليها فيؤخرها إلى وقتها، ولا فرق بين أن يطول من غير عذر أو بعذر كالسَّهْوِ والإغماء، ولو جمع بينهما ثم تذكر بعد الفراغ منها أنه ترك سجدة أو رُكْناً أخر من الصَّلاة الأولى بطلت الصلاتان جميعاً، أما الأولى فلترك بعض أركانها، وتعذر التدارك بطول الفصل، وأما الثانية فلأن شرط صحتها تقدّم الأولى، وإذا بطلتا فله أن يعيدهما على سبيل الجمع، ولو تذكر تركها من الثانية، فإن كان الفصل قريباً تدارك ومضت الصلاتان على الصِّحَّة، وإن طال الفصل فالثانية باطلة، وليس له الجمع لوقوع الفصل الطويل بالصلاة الثانية فيعيدها في وقتها، ولو لم يدر أنه


(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) سقط في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>