فيما حكاه الرّويَانِي، ومنهم من عبر عن الوجوه بالأقوال، وكذلك فعل في "الوسيط".
وقولى:(من غير حاجة) تقييد لموالاة الضَّرب دون الصَّيْحة، والاحتراز عنها واجب بكل حالٍ، وليست هي من ضروريات القتال، هكذا ذكر الأئمة.
وقوله:(فيحتمل)، وكذا قوله:(وقيل لا يحتمل)، يجوز أن يعلما بالحاء؛ لأن الصيدلاني حكى عن أبي حنيفة أنه يجوز فيها العمل الكثير.
الخامسة: لو تَلَطَّخَ سلاحُه بالدَّمِ، فينبغي أن يلقيه أو يجعله في قرابة تحت ركابه إن احتمل الحال ذلك، وإن احتاج إلى إمساكه فله الإمساك، ثم هل يقضي؟ حكى إمام الحرمين عن الأصحاب أنه يقضي لندور العذر، ثم منعه، وقال: تلطخ السلاح بالدم من الأعذار العامه في حق المقاتل، ولا سبيل إلى تكليفه تنحية السلاح، فتلك النجاسة ضرورية في حَقِّه، كنجاسة المستحاضة في حقها، ثم جعل المسألة على قولين مركبين على القولين فيما إذا صلَّى في حصن، أو موضع آخر نجس، وهذه الصورة أولى بنفي القضاء، لإلحاق الشَّرع القتال بسائر مسقطات القضاء في سائر المحتملات كالاستدبار والإيماء بالركوع والسجود، فليكن أمر النجاسة كذلك، ويتبين بما ذكرنا أنه لم جعل الأقيس نفي القضاء، والأشهر وجوبه؟ ويجوز إقامة الصلاة عند شدة الخوف بالجماعة، خلافاً لأبي حنيفة، وتقام صلاة العيدين والخسوفين في شدة الخوف لأنهما بعرض الفوات، ولا تقام صلاة الاستسقاء.
قال الرافعي: مقصود الفصل الكلام فيما يرخص في هذه الصلاة، إذ لا شك في أنها غير جائزة عند الأمن والسلامة، وفيه صور:
إحداها: تجوز هذه الصلاة في كل ما ليس بمعصية من أنواع القتال، دون ما هو معصية؛ لأن الرخص لا تناط بالمعاصي، فيجوز في قتال الكفار ولأهل العدل في قتال أهل البغي، وللرفقة في مال الطريق، ولا يجوز لأهل البغي والقُطاَّع، ولو قصد نَفْسَ رَجُلٍ أو حَرِيمَه، أو نفس غيره، أو حريمه واشتغل بالدفع كان له أن يصلي هذه الصَّلاة في الدفع، ولو قصد إتلاف ماله نظر، إن كان حيواناً فكذلك الحكم، وإلا فقولان:
أحدهما: لا يجوز؛ لأن الأصل المحافظة على أركان الصَّلاة وشرائطها، خالفناه فيما عدا المال؛ لأنه أعظم حرمة.