للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجب الغسل ولا يكفي إصابة الماء إياه، ونصَّ فيما إذا غسلت الذِّمية زوجها المسلم أنه يكره، ويجوز وهو أحد أمثلة الصورة الأولى، وكأنَّ الوجهين مستنبطان من هذين النَّصين، والظاهر في الصورتين هو الذي نص عليه.

أما في سورة غسل الكافر فهو مستمرٌّ على ما حكينا أن الأصح عدم اشتراط النّية. وأما في سورة الغَرِيق فسبب الأمر بالغسل أنَّا مأمورون بغسل الميت فلا يسقط الفرض عنَّا إلا بفعلنا.

والثاني: أن في قولنا: "الكافر ليس أهلاً للنِّية" إشكالاً أشرنا إليه في "باب صفة الوضوء".

والثالث: أن قوله: "وأعيد غسل الغَرِيق" إن كان بضمِّ الغَيْنِ يقتضي أن يكون أصابه الماء إياه بمجردها غسلاً، ليكون هذا إعادة له لكن الأليق توجُّه وجوب النِّية أن لا يوقع اسم الغسل إلا على غسل الأعضاء مع النِّيَّة -والله أعلم-.

قال الغزالي: وَأَمَّا الأكْمَلُ فَأنْ يُحْمَلَ إِلَى مَوضِعٍ خَالٍ وَيُوضَعَ عَلَى سَرِيرٍ وَلاَ يُتْزَعَ قَمِيصُهُ (م ح) وَيُحْتَاطَ فِي غضِّ البَصَرِ عَنْ جَمِيعِ بَدَنِهِ إِلاَّ لِحَاجَةٍ، وَيُحْضَرُ ماءٌ بَارِدٌ (ح) طَهُورٌ، وَيُبْعَدُ الإِنَاءُ مِنَ المُغْتَسِلِ حَذَرًا مِنَ الرَّشَاشِ ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِغَسْلِ سَوْءَتَيهِ بَعْدَ لَفِّ خِرْقَةٍ عَلَى اليَدِ، وَبَعْدَ أَنْ يَجْلِسَ فَيمْسَحَ عَلَى بَطْنِهِ لِتَخْرُجَ الفَضَلاَتُ، ثُمَّ يتَعَهَّدُ مَوَاضِعَ النَّجَاسَةِ مِنْ بَدَنِهِ، ثُمَّ يَتعَهَّدُ أَسْنَانَهُ وَمَنْخَرتْه بِخِرْقَةٍ مَبْلُولَةٍ، ثُمَّ يتَوَضَّأ ثَلاَثاً مَعَ المَضْمَضَةِ (ح) وَالاسْتِنْشَاقِ.

قال الرافعي: الفصل لذكر أمور محبوبة مقدمة على نفس الغسل:

أحدها: أن يحمل الميت إلى موضع خَالٍ مستور لا يدخله أحد إلاَّ الغاسل ومن لا بد من معونته؛ لأنه في حياته كان يستتر عند الاغتسال فكذلك يستر بعد موته، ولأنه قد يكون ببعض بدنه ما يكره ظهوره.

وذكر القاضي الرُّوَيانِيُّ وغيره؛ أن للولي أن يدخل ذلك الموضع إن شاء، وإن لم يغسل؟ ولا أعان، ويروي:"أَنَّ غُسْلَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- تَوَلاَّهُ عَلِيٌّ، وَالْفَضْلُ بنُ عَبَّاسٍ، وَأُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ -رضي الله عنهم (١) - يَتَنَاوَلُ الْمَاءَ وَالْعَبَّاسُ وَاقِفٌ".

ثم يوضع على لَوْحٍ أو سرير هي لذلك، وليكن موضع رأسه أعلى لينحدر الماء


(١) أخرجه ابن ماجة (١٤٦٧)، والحاكم (٣/ ٥٩)، والبيهقي (٣/ ٣٨٨)، والعقيلي في الضعفاء (٤/ ١٣)، وانظر التلخيص (٢/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>