للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن قلنا: إنه عارية فعلى الراهن الضمان، كما لو تلف في يده.

وإنْ قلنا: إنه ضمان فلا شيء؛ لأنه لم يسقط الحق عن ذمته، ولا شيء على المرتهن بحال؛ لأنه يمسكه رهناً لا عارية، وإنْ تلف في يد الرَّاهِنِ فقد أطلق في الكتاب أنه يضمن؛ لأنه مستعير، وفي تعليق الشيخ أبي حامد بناؤه على القولين، كما لو تلف في يد المرتهن. ولو جنى في يد المرتهن فبيع في الجناية.

فإن قلنا: إنه عارية فعلى الراهن القيمة. وقال الإمام: هذا إذا قلنا: إن العارية تضمن ضمان المغصوب، وإلاَّ فلا شيء عليه. وإن قلنا: إنه ضمان فلا شيء عليه في هذه الصورة، وأشار في "المختصر" إلى القولين، وإلى ترجيح قول الضمان فقال رضي الله عنه: فلو أذن في الرَّهْن فرهنه فجنى فبيع في الجناية، فأشبه الأمرين أنه غير ضامن.

ومنها: إذا قلنا: إنه ضامن وجب بيان جنس الدين وقدره وصفته في الحلول والتأجيل وغيرهما لاختلاف أغراض الضَّمَان بذلك، وذكر أبو علي الزَّجَاجِيُّ (١) أنه أجاز في القَدِيم السُّكوت عن ذكر الحلول والتَّأْجيل، وهل يجب بيان من يرهن عنده؟

عن صاحب "التقريب" فيه وجهان:

والأصح: الوجوب وعلى القولين إذا عين شيئاً من ذلك لم تَجُزْ مخالفته، نعم لو عين قدراً جاز أن يرهن بما دونه، ولو زاد فمنهم من قال: يبطل في الزائد، وفي المأذون قَوْلاَ تَفْرِيق الصَّفقة، والصحيح البطلان في الكل للمخالفة. كما لو باع الوكيل بالغبن الفَاحش، لا نقول يصح البيع في القدر الذي يساوي الثمن.

وإذا قال المستعير: أعرني لأرهنه بألف أو من فلان فأعاره، كان ذلك كتقييد المعير بنفسه على أظهر الوجهين تنزيلاً للإسعاف على الالتماس (٢).

ومنها: لو أعتقه المالك فإن قلنا: إنه ضمان، فقد حكى الإمام عن القاضي أنه ينفذ، وتوقف فيما ذكره وذكر في التهذيب أنه كإعتاق المرهون.


(١) الحسن بن محمد بن العباس القاضي أبو علي الطبري الزجاجي -بضم الزاي وتخفيف الجيم، قال السبكي: أراه توفي في حدود الأربعمائة، وقال ابن قاضي شهبة: ولا دليل على ما ادعاه، انظر ابن قاضي شهبة (١/ ١٣٩ - ١٤٠) الشيرازي (٩٦) ابن السبكي (٢/ ٢١١، ٣/ ١٤٦) معجم المؤلفين (٣/ ٢٨٤).
(٢) قال النووي: وإذا قلنا: عارية، فله أن يرهن عند الإطلاق بأي جنس شاء، وبالحال والمؤجل. قال في "التتمة" لكن لا يرهنه بأكثر من قيمته؛ لأن فيه ضرراً. فإنه لا يمكنه فكه إلاَّ بقضاء جميع الدَّين. ولو أذن في حال فرهنه بمؤجل، لم يصح كعكسه، لأنه لا يرضى أن يحال بينه وبين عبده إلى أجل. ينظر الروضة ٣/ ٢٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>