للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما لفظ الكتاب فقدله: (وإن أقام بينة على إعساره سمع) معلم بالميم وقوله: (في الحال) بالحاء لما مر وقوله: (للخصم أن يحلفه مع الشهادة) بالحاء والألف، ثم هو جواب على أن اليمين مستحقة فيصح إعلامه بالواو أيضاً ويوضحه قوله: (فهل يجب على القاضي إذناً في قضائه) فإنه جعل الوجوب معروفًا عنه، ونتكلم في أنه هل يشترط له طَلَبُ الخِصَمْ؟ قال الإمام: والخلاف فيما إذا سكت فأما إذا قال لست أطلب يمينه، ورضيت بإطلاقه فلا خلاف في أنه لا يحلف.

قال الغزالي: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُحْبَسُ فِي دَيْنِ وَلَدِهِ لأِنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْبَسْ فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ يَفِرَّ وَيَمْتَنِعَ عَنِ الأدَاءِ وَيَعْجَزَ عَنِ الاسْتِيفَاءِ.

قال الرَّافِعِيُّ: في حبس الوالِدَيْن بِدَيْنِ الوَلَدِ وجهان:

أصحهما: عند صاحب الكتاب أنه يحبس، وإلا لأقر وامتنع عن الأدَاءِ، وحينئذ يعجز الابْنُ عن استيفاء الدَّيْنِ ويضيع حقه (١).

والثاني: لا يحبس، لأن الحبس نَوْعُ عُقُوبَةٍ، ولا يُعَاقَبُ الوَالِدُ بِالْوَلَدِ، قال في "التهذيب": وهذا أصح ولمن قال به أن يمنع عجز الابن عن الاستيفاء، بل إذا ثبت له مال عِنْدَ القَاضِي أخذه قهراً وصرفه إلى دَيْنِهِ، وعلى الوجهين لا فرق بين دَيْنِ النفقة وَغَيْرِهَا، ولا بين أن يكون الوَلَدُ صغيراً أو غيره (٢).


(١) قال المصنف في التذنيب: إن تصحيح الغزالي الحبس مما خالف فيه الأكثرين ينظر التذنيب (خ) بتحقيقنا (تحت الطبع).
(٢) قال النووي: وإذا حبس المفلس لا يأثم بترك الجمعة إذا كان معسراً. قال الصيمري: وقيل: يلزمه استئذان الغريم حتى يمنعه، فيسقط الحضور. والنفقة في الحبس في ماله على المذهب. وحكى الصيمري، والشاشي، وصاحب "البيان" فيها وجهين ثانيهما أنها على الغريم. فإن كان المفلس ذا صنعة، مكن من عملها في الحبس على الأصح. والثاني: يمنع إن علم منه مماطلة بسبب ذلك، حكاهما الصيمري والشاشي وصاحب "البيان". ورأيت في فتاوى الغزالي رحمه الله، أنه سئل، هل يمنع المحبوس من الجمعة والاستمتاع بزوجته ومحادثة أصدقائه؟ فقال: الرأي إلى القاضي في تأكيد الحبس بمنع الاستمتاع ومحادثة الصديق، ولا يمنع من الجمعة إلا إذا ظهرت المصلحة في منعه. وفي فتاوى صاحب "الشامل" أنه إذا أراد شم الرياحين في الحبس، إن كان محتاجاً إليه لمرض ونحوه، لم يمنع، وإن كان غير محتاج بل يريد الترفه، منع. وإنه يمنع من الاستمتاع بالزوجة، ولا يمنع من دخولها لحاجة كحمل الطعام ونحوه. وإن الزوجة إذا حبست في دين استدانته بغير إذن الزوج، فإن ثبت بالبينة، لم يسقط نفقتها مدة الحبس؛ لأنه بغير رضاها فأشبه المرض. وإن ثبت بالإقرار، سقطت، هكذا قال، والمختار سقوطها في الحالين، كما لو وطئت بشبهة فاعتدت، فإنها تسقط، وإن كانت معذورة. قال أصحابنا: ولو حبس في حق رجل، فجاء آخر وادعى عليه، أخرجه الحاكم فسمع الدعوى، ثم يرده. قال في "البيان" لو =

<<  <  ج: ص:  >  >>