الرجوع للأول على الأصيل لأنه لم يَغْرم، ولو ثبت له الرجوع على الأول فَرَجع رجع الأول على الأَصِيل إذا وجد شَرْطه، فلو أراد الثاني أن يرجع على الأَصيل ويترك الأَوَّل نظر إن كان الأَصِيل قد قال له: اضمن عن ضَامِنِي، ففي رجوعه عليه وَجْهَان، كما لو قال الإنسان: أدِّ ديني فأدى، وليس هذا كما لو قال: اقض دين فلان ففعل حيث لا يرجع على الآمر؛ لأن الحق لم يتعلق بذمته، وإن لم يقل له: اضمن عن ضامني فإن كان الحَالُ بحيث لا يَقْتَضِي رجوع الأول على الأَصِيل لم يَرْجِع الثَّانِي عَلَيْهِ، وإن كان يقتضيه فكذلك في أَصَحِّ الوجهين؛ لأنه لم يَضْمَن عَنِ الأَصِيلِ، ولو أن الثَّانِي ضمن عن الأَصِيل أيضاً فلا رجوع لأحد الضَّمامنين على الآخر، وإنما الرّجوعُ للمؤدى على الأَصِيل، ولو ضمن عن الأول والأصيل جَمِيعاً، فهذا أدى كان له أن يرجع على أيهما شَاءَ، وأن يرجع بالبَعْضِ على هذا وبالبعض على ذَاك تم للأول الرجوع على الأَصِيل بما غرم إذا وجد شَرْطه.
ومنها: على زيد عَشرة ضمنها اثنان، كُلّ وَاحِدٍ منهما خمسة وضمن أحدهما عن الآخر، فلرب الدِّيْنِ مطالبة كُلُّ وَاحِدٍ منهما بالعَشْرَة، نصفها على الأَصِيل ونصفها على الضَّامِنِ الآخَرِ، فإنَ أَدَّى أحدُهُمَا جميع العَشرة رجع بالنصف على الأَصيلِ وبالنّصْفِ على صَاحِبِهِ، وهل له الرّجُوعُ بالكُلِّ عَلَى الأَصيلِ إذا كان لِصَاحِبِهِ الرّجوع عليه لو غرم؟ فيه الَوَجْهَان، وإن لم يؤدِ إلا خَمْسَة فينظر إن أداها عن الأَصِيل أو عن صَاحِبهِ أو عنهما ويثبت الرجوع بخمسة:
ومنها: ضمن الثّمن فهلك المَبيع قَبْلَ القَبْضِ أو وجد به عيباً فرده، أو ضمن الصَّداق فارتدت المرأة قبل الدّخُولِ، أَو فسخت بِعَيْبٍ، نظر إن كان ذلك قبل أن يؤدي الضَّامن بَرِئَ الضَّامِنُ والأَصِيل، وإن كان بعده فإن كان بحيث يثبت له الرّجوع رجع بالمغروم على الأَصِيل، وضمن رَبّ الدَّيْنِ للأصيل ما أخذ إن كان هَالِكاً، وإن كان باقياً يرد عينه، وهل له إمساكه وَرَدّ بَدَله؟ فيه الخلاف المَذْكُور فيما إذا رَدَّ المَبِيع بِعَيْبٍ وعين دراهمه عِنْدَ البَائِعِ، فأراد إمْسَاكها ورد مِثْلها.
والأصح: المنع، وإنما يغرم الأَصِيل دون الضَّامِن؛ لأن في ضمن الأدَاء عنه إقراضه وتمليكه إياه، وإن كان بحيث لا يثبت له الرجوع فلا شَيْءَ للضَّامِن على الأَصِيل، وعلى المَضْمُون له رَدّ ما أخذه، وعلى من يرد هو كما لو تَبَرَّعَ بِالصَّدَاقِ وطلق الزَّوْج قبل الدّخُولِ، وسيأتي حكمه إن شاء الله تعالى.
ومنها: أدى الضَّامِن الدَّيْن، ثم وهبه رَبّ الدين منه، ففي رجوعه على الأَصِيل وَجْهَانِ مبنيان على القَوْلَينِ، فيما لو وَهَبَتِ الصَّداق من الزَّوْجِ، ثم طَلَّقَهَا قَبْلَ