للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصحاب: أنه لا ولأَ علَيْهِ، وإن أراد الورثة بيعه من غيره، وقال العَبْد آخذُهُ بدلاً عن الدَّيْن، فقد ذكر الأستاذ: أنه أحقُّ بنفسه من الأجانب.

قال الإمامُ: وهذا مَحْمولٌ على الأولويَّة دون الاستحقاق.

الثاني: ماتَ العَبْد المعتق قَبْلَ موت السيد، فهل يموت حرًا، أو رقيقاً، أو ثلثه حرّاً، وثلثاه رقيقاً؟ فيه ثلاثة أوجه مذكورة في الكتاب في "باب العتق" وهو كالخلاف الذي أسلفناه في موت العَبْد الموهوب، قبل مَوْت الواهِبِ المَرِيضِ.

قال الأستاذ أَبو منصور: والمشهورُ من المَذْهب الوجه الأوَّل، والثاني، تخريجُ ابْنِ سُرَيْج، وإنْ كان العبدُ قد اكتسب ضعْفَ قيمته، ولم يخلف إِلاَّ السيد، فيموت حرّاً بلا خلاف، أما إذا قلنا: إنه يموت حرّاً، إذا لم يخلف شيئاً، فهاهنا أولَى، وإن قلنا: إنه يموت رقيقاً، هناك فلأن سببه: أنه لم يخلف شيئاً، وههنا يرثُ السيدُ بالولاء كَسْبَهُ، فيحصل لورثته ضعْفُ العبد، وإِن كان الكسبُ مثْلَ قيمته، فإن قلنا: لو لم يخلّف شيئاً، لمات حرّاً، فهاهنا أولَى؛ وإن قلنا: مات رقيقاً، فهاهنا لا يرث جميعه؛ لأنه خلَّف شيئاً، ولا يعتق جميعُهُ؛ لأنَّ الكسب ليس ضعْفَه.

وإنْ قلنا: إن مَنْ بعضُه حرٌّ، وبعضُه رقيقٌ، يُورَثُ، فيُعْتَقُ نصفه، فيكونُ جميع كسبه للسيد، النصف بحقِّ الملك، والنصف بحق الإِرْث بالولاء، فيحصُلُ لورثته ضعْفُ ما عَتَق، وإن قلنا: إنه لا يُورَثُ، قال الاِمام: يُعْتَقُ منه شيء، ويتبعه من الكَسْب شيء، يُصْرَفُ ذلك الشيء إِلى بيت المال، فيبقَى عبد ناقص بشيء، يعدل ضعْفَ ما عتق، وهو شيئان، فبعد الجبر: عبدٌ يعدل ثلاثة أشياء، فالشيء ثلث العبد، فيعتق ثلثه، ويتبعه من الكسب ثلثُهُ؛ يبقَى للسيد ثلثا كسبه بحَقِّ الملك، وهو ضعف ما عَتَقَ، فإن كان الكسْبُ ضعْفَ القيمة، وخلَّف العتيق مع السيد بنتاً، فإن قلنا: لو لم يخلَّف بنتاً، لمات حرّاً، فكذلك هاهنا، والكسب بين البنت والسيد بالسوية.

وإنْ قلنا: يَمُوتُ رقيقاً، فإن قلنا: مَنْ بعضُه حرٌّ، وبعضُه رقيقٌ، يُورَثُ، فيعتق منه شيء، ويتبعُهُ من الكسب شيئان، يرث البنت أحدهما، والسيد الثاني، فيحصل لورثة السيِّد ضعف العبد إلا شيئاً، وذلك يعدل شيئين، فبعد الجبر عبدان يعدلان ثلاثةَ أشياء.

فالشيء ثلث العبدين، وهو ثلثا عبدٍ، فَيُعْتَقُ من العبد ثلثاه، ويتبعه ثلثا الكَسْب، ثم يرجع أحدُهُما بالإرث إلى السيد، فيحصل لورثة السيِّد ثلثا الكسب، وهما ضعف ما عَتَقَ.

وإِنْ قلنا: إنَّ مَنْ بعضُه حرٌ، وبعضه رقيق، لا يورَثُ، فلا ترث البنت منه؛ لأنها لو ورثت، لَمَا خرج جميعه من الثلث، فيرقُ بعضه، فإِذا رَقَّ بعضه، لم يورث، فيؤدّي توريثها إلَى إبطال توريثها، وهذه من الدوريات الحكمية، وإذا لم ترث، فكأنَّه لم

<<  <  ج: ص:  >  >>