للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاسد، ولا يَحْصُل به الإِحصان؛ لأنه فضيلة، فلا يثبت إلا بوطءٍ كاملٍ، ولا تحصُلُ به الفيئة في الإِيلاء، ولا يزول به عنه حكم العُنَّة، وفيهما وجْهٌ ضعيفٌ، وهل يثبت به النَّسَب؟ فيه وجهان:

أصحُّهما: نعم؛ لأنه قد يَسْبِق الماء إلى الرَّحِم من غير شعور به، وإنما يظهر الوجهان فيما إذا أتَى السيِّدُ أمَتَه في هذا المأْتَى، أو فرض ذلك في النكَاحِ الفَاسِد، فأما في النكاح الصحيح، فإمكان الوطء كافٍ في ثبوت النسب، ويستقر به المسمَّى في النكاح الصحيح على أصح الوجهَيْن؛ لأنه وطْءٌ: في محل الاستمتاع، ومنْهم مَنْ قطع به، كما يقْطَع بوجوب مهر المثل به في النكاح الفاسد، وإذا قلْنا بالوجه الثاني؛ وهو ألاَّ يستقر به المسمَّى، فقد قال أبو عبد الله الحَنَّاطِيُّ: [و] يجب لها مهْرُ المثل، وينظر بعد ذلك، إِن وَطِئَها، فلها المسمَّى وترد مهْر المثل، وفيه وجْهٌ أنَّ لها المسمَّى ومهر المثل، وإن لم يطأْها، وطلَّقها، فقد حصل لها مهْر المثل، وللزوج عندها المسمَّى، فإن كانا من جنْس واحد، جرى أقوال التقاصِّ، [وهذا كلام مظلمٌ لا يعتدي إليه] (١) وإذا أوجبنا الحد في اللواط، فإذا أتى أمته أو منكوحته في غير المأْتَى، فالصحيح: أنه لا يتعلق به الحدُّ (٢) لوقوعه في المملوك الذي هو محلُّ الاستمتاع، وفيه وجه: أنه يجب الحدُّ، وقَرُب ذلك من القول المنقولِ في وُجُوب الحدِّ، إذا وطئ أمته المحرَّمة عليه، وفي استنطاق المصابة في غيْر المأتَى وجهان قدَّمْنَاهما، والأصحُّ؛ أنه لا يشترط في تزويجها؛ لبقاءِ العذرة، وتجب به العِدَّة، كما يجب الغسل والكفارة، وسائر ما فيه تغليظٌ، ونَقَلَ أبو الحسن العَبَّاديُّ فيه وجهاً آخر، ويثبت به الرجعة، كما يثبت النسبُ، ويتقرَّر المهر، وفي الرجْعة وجهٌ آخرُ، كما في صورَتَي الاستشهادِ، وهلْ تثبت به حرمةُ المُصَاهرة؟ فيه وجهان مذْكُوران في "التهذيب" وغيره:

أصحُّهما: الثبوت؛ لأنه أعظَمُ من المفاخَذَة والتقبيل واللَّمْس بالشَّهوة، وهي تثبت حرمة المصاهرة في قول قوي ويجوز التلذُّذ بما بين الألْيَتَيْنِ، والإِيلاج في القبل


(١) قال النووي: الذي يقتضيه كلام الأصحاب، إنا إذا قلنا: لا يستقر المسمى، لا يجب أيضاً مهر المثل، وهذا الذي ذكره الحناطي مظلم كما قال الرافعي، وعجبٌ قوله: وإذا طلقها قبل الدخول، له عليها المسمى، وقد علم أن الطلاق قبل الدخول يشطر المسمى.
(٢) قال النووي: قال أصحابنا: حكم الوطء في الدبر كالقبل إلا في سبعة أحكام: التحليل، والتحصين، والخروج من الفيأة، والتعنين، وتغير إذن الكبر. والسادس، أن الدبر لا يحل بحال، والقبل يحل في الزوجة والمملوكة. والسابع: إذا جومعت الكبيرة في دبرها، "فاغتسلت ثم خرج منى الرجل من دبرها، لم يجب غسل ثان، بخلاف القبل، فقد يجيء في بعض المسائل وجه ضعيف، ولكن المعتمد ما ذكرناه. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>