للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن حلفاً بل كان محض تأقيت، فإن "إذا" ظرفُ زَمَانٍ، وما لم يجعل التعليق به حلفاً (١)، كطلوع الشمس وقدوم الحجيج، فلا فَرْق فيه بين التعليق بصيغة "إذا" وبصيغة "إن" وفيه وْجه أنَّه إذا علَّق بصيغة "إن" كان حلفاً؛ لأنه صَرَفه عن التأقيت بالعدول عن كلمة التأقيت، وهي إذا والظاهر التسوية، وقال أبو حنيفة، وأحمد: التعليقُ بالطُّلوع ونحوه حَلِفٌ؛ كالتعليق بالدخول ونحوه إلا في قوله: إذا حِضْتِ، وإذا طَهُرْتِ إذا شئت فأنْتِ طالقٌ، وحكى الفورانيُّ وجهاً من غير استثناء، فليعلَّم لذلك قوله في الكتاب "ليس حَلِفاً" بالحاء، والألف، والواو، وقوله: "بصيغة إن" بالواو وكذا قوله: "بالصيغتين" (٢).

ولو قال: إن أقسمتُ بطلاقك، أو إن عقَدتُّ يميني بطلاقك، فأنْتِ طالقٌ، فهو كقوله: إن حلفت بطلاقك، فأنتِ طالقٌ، وإن قال إن لم أحلف بطلاقك أو إذا لم أحلِفْ بطلاقك، فأنتِ طالقٌ، فالحُكْم كما سَبَق في التعليق في طَرَف الإثبات والعبارة المشهورة على الجواب الظَّاهر انَّ [إنْ] لا تقتضي الفَوْر والبِدار إلى الحَلِف، و"إذا" تقتضيه، فلو قال إذا لم أحلف بطلاقك، فأنتِ طالقٌ، ثم أعاد ذلك مرَّة ثانية وثالثة، نُظِرَ؛ إن فَصَل بيْن المرات بقدر وما يمكن فيه الحلف بطلاقها، وسكت فيه، ولم يحلف عقب المرة الثالثة، وقعت الطَّلقات الثلاثة، وإن وصل بيْن الكلمات لمْ يَقَع بالأولى والثانية شيْءٌ ويقع بالثالثة طلقةٌ، وإذا لم يَحْلِف بعْدها بطلاقها ,ولو قال: كلما لم أحْلِفْ بطلاقك، فأنتِ طالقٌ، ومضى من الزمان ما يمكنه أن يحْلِفَ فيه، فلم يَحْلِفْ، وقعت طلقة، فإذا مَضَى مثْل ذلك، ولم يَحْلِف وقعَتْ ثانية، وكذلك الثالثة، ولو قال: إن حَلَفْتُ بطلاقك، فأنتِ طالقٌ، ثم أعاد هذا القول مرة ثانية وثالثة ورابعة، فإن كانَتِ المرأة: مدخولاً بها وقعت بالمرة الثانية طلقةٌ؛ لأنه حَلَف بطلاقها، وتحل اليمين الأولى، ثم تَقَع بالثالثة طلقة بحكم اليمين الثانية وتحل الثانية، وتقع بالرابعة طلقةٌ، بحكم اليمين الثالثة، وتنحل هي، وتكون الرابعة يميناً مُنْعَقِدةً حتَّى يقع بها الطلاق، وإذا حَلَف بطلاقها في نكاح آخَرَ، إن قلْنَا يعود الحنث بعد الطَّلقات الثلاث، وإن لم يكُنْ مدخولاً بها، فتقع طلقة بالمرة الثانية وتبين وتنحل الأولى والثانية يمين منعقدة، وفي ظهور أثرها في النِّكَاح المجدّد الخلافُ في عَوْد الحَنِث، والثالثة والرابعة واقعان في حال البينونة لا ينعقدان، ولا ينحل بهما شيْء ومثله لو قال: لغَيْر المدخول بها: إن كَلَّمْتُك، فأنْتِ طالقٌ، وأعاد ذلك مراراً، فتقع طلقة بالمرة الثانية، وهي يمين منعقد، وتنْحَلُّ بالثالثة؛ لأن التعليق هاهنا بالكلام، والكلام قد يَقَع في حال البينونة وهناك التعليق بالحَلِف بالطلاق، والحَلِف بالطَّلاق لا يتحقَّق في حال البينونة.


(١) في ز: حالفاً.
(٢) في ز: بالصفين.

<<  <  ج: ص:  >  >>