للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسبب الزَّوْج محبوسةً عنده ولهَذَا لو امتنع مِنَ الإنفاق، كان لها أن تمتنع من التمكين، فإذا نَشَزَتْ عليه، سقط ما يقابل التمكين، ولو نشزت في بَعْض النهار، فهل لها بعض النفقة؛ فيه وجْهَان يَقْرُبان من الخلاف، فيما إذا سَلَّم السيد الأَمَةَ لَيْلاً لا نهاراً:

أحدهما: أنه لا شَيْءَ لها؛ فإن نفقة اليوم لا تتبعَّض؛ ألا ترى أنَّها تُسلَّم دفعةً واحدةً، ولا تفرق غداء وعشاء.

والثاني: أنَّها توزَّع بحَسَب زمان الطَّاعة والنشوز، واستثنى عن التوزيع هكذا ما إذا اْطاعت نهاراً ونشزت ليلاً أو بالعكس، وحكم بشطر النفقة، كما مر في مسألة الأَمَةُ، ولم يُنْظَر في الليل والنهار إلى الطُّول والقِصَر، وبالوجه الثاني أجاب أبو الفرج السرخسيُّ.

ومنهم: مَنْ رجَّح الأول، وهو أوفق لما سَبَق مِنْ مسألة الأَمةَ.

ونشوز المجنونة والمراهقة كنشوز العاقلة البالغة؛ لاستواء الفعلَيْن في التفويت على الزَّوْج.

ثم فيه مسائل:

إحداها: الامتناعُ عن الوطءِ والاستمتاعِ وعن الزِّفَافِ من غير عذر نشوزٌ، فلو قالت: سَلِّم المَهْر لأسَلِّم نفسي، فإنْ جرى الدخول أو كان الصَّداق مُؤَجَّلاً، فهي ناشزة؛ إذ ليس لها حَبْس نفسَهَا، والحالة هذه، وإذا لم يجر دخولٌ، والصَّداق حَالٌّ، فلها النفقة من حينئذ. هذا هو الأظْهَر، وفيه خلافٌ مذكورٌ في الصَّدَاق، والمُؤجَّل إذا حَلَّ كالحَالِّ أو كالمُؤَجَّل، فيه خلاف، وبالثاني أجاب في "التهذيب" لأن العَقْد لم يُثبِتْ هذا الجنس، ولو كانت مريضةً أو كان بها قرح يضرها الوطء، فهي معذورة في الامتناع عن الوطء وعليه النفقة إذا كانت عنده، وكذا لو كان الرجل عَبْلاً لا يحتمله، فإن أنكر القرح المَانِعَ من الوطء، فلها إثباته بقول النسوة، وتكفي امرأةٌ واحدةٌ سُلوكاً بها مَسْلَك الأخبار، أم لا بد من أربع نسوةٍ؛ لأنها شهادةٌ مُسْقِطَةٌ لحق الزوج؟ فيه وجهان:

وبالأول، قال (١) أبو إسحاق، والأظهر: الثاني، وكذا لو أنكر الضَّررَ من جهة العبالة وكبر الآلة يُرْجَع فيه إلى النسوة، ولا بأس أن ينظرن إليها عند اجتماعهما؛ ليَشْهَدْنَ، وليس لها الامتناع من الزِّفَاف بعُذْر عبالة الزوج على ما مَرَّ في أول الصداق، ولكن لها الامتناع بعذر المرض، فإنَّه متوَقَّع الزوال.

فإن قال الزوج: لا أطؤها حتى تبرأ الألم، لم يؤتمن فيه. هكذا أطلقه في الكتاب، وقد سبق هناك في الكتاب ما يَقْتَضي إعلامه بالواو.


(١) في ز: أجاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>