للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في وقت الخوف، ولا بالليالي، فإن كان مفتوحاً، لم يكن حرزاً أصلاً (١)، ومَنْ جعل الدارَ المنفصلةَ عن العمارات حرزاً عند إغلاق الباب فأولَى أن يجعل المتَّصِلَة بها عند الإغلاق حرزاً، وإذا ادعى السارقُ أن صاحب الدارِ نامَ أو ضَيَّع ما فيها أو أعرض عن اللَّحاظ، فالمذكور في الكتاب: أنه يَسْقُط القطْع بمجرَّد دعواه كما في دعْوَى المِلْك، ولا شك في أنه يجيء فيه الوجْه المذكور هناك.

واعلم أن الأمر في جميع ذلك مبنيٌّ على العارة الغالِبَة في الإحراز، وعلى هذا الأصل قال الأصحاب: النَّقْدان والجواهرُ والثيابُ لا يكون محرزة إلا بإغلاق الباب عليها، وأمتعةُ العطَّارين والبقَّالين والصَّيَادِلة، إذا تَرَكَهَا صاحبُ الحانوت عَلَى باب الحانوت، ونام [فيه] أو غاب عنه، فإن ضمَّ بَعْضَها إلى بعْض وربَطَهَا بحبل أو عَلَّق عليها شبكة، أو وضع لوْحَيْن على وجْه الحانوت مخالَفَيْن، كفى ذلك إحرازاً بالنهار، لأن الجيران والمارَّة، ينظرون، وفيما فعل ما ينبِّههم، لو قصد السارق، وإن تركها متفرَّقة، ولم يقيَّد بشيء ممَّا ذكرنا، لم تكن محرزة. وأما بالليل، فلا تكون محرزة إلا بحارس، قال الروياني: والبَقْل والفِجْل، قد يُضم بعضُه إلى بعضٍ، ويُطْرح عليه حصيرٌ ويُتْرك على باب الحانوت، وفي السوق، وهناك حارسٌ ينام ساعة ويدور ساعةً، فيكون محرزاً، وقد يزين العامي حانوته أيام العيد بالأمتعة النفيسة، ويَشُقُّ عليه [حملها] (٢) رفْعها بالليل، فيَدَعها [ويلقى] عليها قطعاً، وينصب حارساً، فيكفي ذلك إحرازاً بخلاف ما في سائر الأيام؛ لأن أهل السوق يعْتَادون ذلك فيتقوى بعْضُهم ببعض، والثياب على باب حانوت القَصَّار والصَّبَّاغ كأمتعةِ البقَّالين والعطَّارين، هذا فيما ينقل في العادة إلى داخل بناء، ويغلَقُ عليه بابٌ، فأما الأمتعة الثقيلة التي يَشقُّ نقفها كالحَطَب، فهي محرَّزة بأن يُشدَّ بعضَها إلى بعْضٍ، وكذلك الخُزَف والقُدُور تُحرَّز بالشرائح التي تنصب على وجه الحانُوت، [وإن] تركت متفرَّقة، لم تكن محرَّزة، وفي وجْه: لا يكفي الشَّدُّ بل لا بد أن يكون عليها بابٌ مغلَق أو يكون على سطْح محوطٍ، والظاهر الأول، حيث جرت العادة به، وكذا الطعامُ في الغرائر في مواضع البيع محرَّزاً إذا شدَّ بعضَها إلى بعْض، بحيث لا يمكن أخذ شيء منْه إلا بحَلِّ الرِّباط أو فتق بعْض الغراثر، نصَّ عليه الشَّافعيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وقد جرت العادة به بمِصْر، قال القاضي الرويانيُّ: ورأيت في بلدنا صبر الأرز (٣) يترك في موضع البيع، وتغطَّى بالأكسية والمُسُوح، فهي محرَّزة، والحَطَب


(١) قال الشيخ البلقيني: هذا متعقب بأنه ليس بالمذهب وإنما هو شيء انفرد به البغوي ونص الشَّافعي في المختصر ظاهر في قطعه مطلقاً ليلاً كان أو نهاراً سواء كان في زمن أمن أم كان في زمن خوف، وعلى ذلك جرى الأصحاب في المختصر وغيره وشذ صاحب التهذيب بهذا.
(٢) سقط في ز.
(٣) في ز: الأذن.

<<  <  ج: ص:  >  >>