للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: يَعْتَبِرُ يَوْمَ الإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّ الحَجْرَ عَلَى المالك يَحْصُلُ يومئذ.

وَالثَّالِثُ: أنه يُعْتَبِرُ أَقْصَى القيم من يوم الإعتاق إلى يوم الأداء؛ لِأَنَّ الإِعْتَاقَ سَبَبٌ يدوم أَثَرَهُ إلى التلف، فيكون بمثابة [جراح] (١) العبد ومن جَرَحَ عبداً ثم مَاتَ بعد مدة؛ يعتبر أقصى القيم من يوم الجرح إلى يوم الموت، وكذا إذا غصب عبداً وتلف في يده أقصى القيم لأنا ننزل (٢) الغصب منزلة التسبب إلى التلف وهذا ما رَآهُ الإِمَامُ الصواب وَنَظْمُ الْكِتَابِ يَقْتَضِي تَرْجِيحُه؛ لكن الذي أورده أكثرهم [قيمة يوم الإِعْتَاقِ] (٣) وَوَجَّهُوهُ بِأَنَّ الإِعْتَاقَ. هو السبب المُوجِبُ للتقويم، فإن تَأَخَّرَ التقويم فهو كاَلمفوضة يجب لها مهر المثل بالدخول، باعتبار يَوْم الْعَقْدِ؛ لأن الْبِضْعَ دخل في ضَمَانِهِ يَؤمَئِذٍ، وعلى أن في المفوضة وجهاً آخر: أَنَّهُ يُعْتَبَرُ يَوْمَ الإصابة.

ولو اختلفا في قيمة العبد فَقَالَ المعتقُ: قِيمَتُهُ مائة وقال الشَّرِيكُ: بل مائتان، فإِن كان العبد حاضرًا والعهد قريب فُصِلَ الأمر بِمراجعة المُقَوِّمِين، وإن مات العبد أو غَابَ أو تَقَادَمَ العهد فمن المصدق منهما باليمين. فيه قولان:

أَصحُّهُمَا -وهو اختيار المُزَنِيُّ: العتق (٤) - لِأَنَّهُ الْغَارِمُ وهذا كما أنه إذا اختلف الغاصب والمالك في قيمة المغصوب بعد تلفه يُصَدَّقُ الغَاصِبُ.

والثاني: أن المصدق -الشريك؛ لأن المعتق يتملك عليه قهراً، فيصدق المتملك عليه كما إذا اختلف الشفيع مع المشتري في الثمن المأخوذ به يصدق المشتري وَعَلاَمَ يبني القولان؟ قال أكثرهم: هما مبنيان على أن السِّرَايَةَ تتعجل بِاللَّفْظِ، أو تتأخر إلى أداء القيمة، إن قلنا: تتعجل فالمصدق المعتق؛ لأنه غَارِمٌ وإن قلنا: يتأخر فالمصدق الشريك؛ لأن ملكه باقٍ فلا يُنْتَزَعُ إلاَّ بما يقوله، كما في المُشْتَرِي مع الشفيع. وعن الْقَفَّالِ: أن القولين جاريان سواء قلنا: بتعجل السِّرَايَة أو تأخرها، وهما كما نص الشَّافِعِيُّ -رضي الله عنه- فيمن اشْتَرَى عبدين ومات أحدهما عنده ووجد بالآخر عيباً، وقلنا: إن له أن يفرده بالرد ويسترد حِصَّتَهُ من الثمن، [فلو اختلفا في قيمة العبد ليعرف حصة المردود من، الثمن] فقد ذكر قولين:

أحدهما: أن المصدق البائع-؛ لأنه يملك (٥) جَمِيعَ الثمن، والآن يحتاج إلى الرد فهو غَارِمٌ.

والثاني: أن المصدق المشتري؛ لأن البائع يدعى عليه أنك تملكت العبد التالف


(١) في ز: خراج.
(٢) سقط في: ز.
(٣) في أ: والثاني مكان "قيمة يوم الاعتلاف".
(٤) في أ: العتق.
(٥) في ز: مَلَكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>