للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَأَمَّا التَّقْدِيمُ فَلاَ وَلاَءَ مَعَ مُبَاشَرَةِ الرِّقِّ لِغَيْرِهِ، فَإنْ لَمْ يَكُنْ مُبَاشِراً بِأَنْ حَصَلَ فِي نِكَاحِ الغُرورِ مِنْ رَقِيْقَيْنِ أَوْ مِنْ مُعْتقَيْنِ فَالوَلاَءُ لِمُعْتِقِ الأَبِ، وَإِنْ كَانَ الأَبُ رَقِيقاً بَعْدُ فَلِمُعْتِقِ الأَمِّ إِلَى أَنْ يُعْتَقَ الأَبُ فَيَنْجَرُّ إِلَيْهِ وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الأَبُ رَقِيقاً فَأُعْتِقَ أَبُ الأَبِ انْجَرَّ الوَلاَءُ إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْجَرُّ مِنْهُ إِلَى مُعْتِقِ الأَبِ إِنْ أُعْتِقَ، وَقِيْلَ: لاَ يَنْجَرُّ؛ لأَنَّ الأَبَ رَقِيْقٌ، فَلاَ يَنْجَرُّ إِلَى أَبِيهِ، وَالمَوْلُودُ مِنْ حُرَّيْنِ إِذَا كَانَ أَجْدَادُهُ أَرِقَّاءَ ثَبَتَ الوَلاَءُ عَلَيْهِ لِمُعْتِقِ أمِّ الأُمِّ إِذَا أَعْتَقَهَا ثمَّ يَنْجَرُّ إِلَى مُعْتِقِ أَبِ الأمِّ ثُمَّ مِنْهُ إِلَى مُعْتِقِ أُمِّ الأَبِ ثُمَّ مِنْهُ إِلَى مُعْتِقِ أَبِ الأَبِ وَيَسْتَتَقِرُّ عَلَيْهِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الأَبُ رَقِيْقاً فَيَنْجَرُّ إِلَى مُعْتِقِ الأَبِ وَيَسْتَتَقِرُّ عَلَيْهِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: بَانَ في الفصل السابق أن الولاء على الشخص يثبت بمباشرة إعتاقه، أو عتقه في مِلْكِ الإنسان يثبت أيضاً متعدياً من إعتاق بعض أصوله، والغرض الآن بيان الترتيب فَجِهَةُ مُبَاشَرَةِ العتق مُتَقَدِّمَةٌ (١) على جهة تَعدِّي الولاء من الأصول.

وَاعْلَمْ أن قولنا: "تقدم أحد الشخصين على الآخر" نريد به في الغالب أنهما إذا اجتمعا كان الأول أولى من الثاني، فإذا لم يوجد الأول تام الثاني مقامه كما نقول: الابن مقدم (٢) على ابن الابن في العصوبة، والأب يقدم على الحد في الولاية، وليس المقصود الآن هذا بل مهما مَسَّ الشَّخْصَ رِقٌّ [و] لحقه إعتاق، فلا ولاء عليه لمعتق أمه وأبيه، ولا واحد من أصوله على ما تبين في الفصل السابق.

وقوله في الكتاب: "فلا ولاء عليه مع مباشرة العتق لغيره"، ليس معناه: أنه لا ولاء لغيره مع وجوده فحسب، بل سواء وجد في الحال أو لم يوجد فالمباشر إعتاقه لا ولاء عليه لمعتقي أصوله، وذلك؛ لأن نعمة من أعتقه عليه أعظم من نعمة من أعتق بعض أصوله، فيختصُّ بالولاء فإن لم يوجد فالولاء لعصباته، وأما إذا خُلِقَ الشخص حراً وأبوه عتيق؛ ثبت (٣) الولاء عليه لمعتق أبيه، وهذا قد يصور (٤) في الأبوين الرقيقين بأن يُغَرَّ الرقيقُ بحرية أمةٍ فينكحها ويولدها على ظن الحرية فإن الولد يكون حراً، أو في وطء الشبهة بأن يطأ الرقيق أمة الغير على ظن أنها زوجته الحرة، وقد يصور فيما إذا كانت الأم حرة أصلية أو معتقة، ومعتق الأب أولى بثبوت الولاء من معتق الأم؛ لأن الولاء تِلْوُ النسب والنسب إلى الآباء دون الأمهات.

وأيضاً فإن الولاء والإرث به مبنيان على الأقوى فالأقوى، ولذلك ينفرد به المذكور من أولاد المعتق وجانب الأب أقوى من جانب الأم، وإن كان الأب رقيقاً والأم معتقة


(١) في أ: مقدمة.
(٢) في ز: يقدم.
(٣) في ز: فيثبت.
(٤) في ز: يتصور.

<<  <  ج: ص:  >  >>