للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطائفة الأولى سابقون فهم أولى بالتفضيل؛ ولأنه لو عكس فَصَلَّى بالطائفة الأولى ركعة وبالثانية ركعتين لزاد في صلاة الطائفة الثانية تشهداً غير محسوب؛ لأنهم حينئذ يحتاجون إلى الجلوس مع الإمام في الركعة الثانية، وهو غير محسوب لهم، فإنها أولاهم، والألْيَقُ بالحال التخفيف دون التطويل.

والثاني: أن الأفضل أن يصلي بالأولى ركعتين، وبالثانية ركعتين؛ لأَنَّ عَلِيًّا -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- صَلَّى لَيْلَةَ الْهَرِيرِ (١) بالنَّاسِ هكَذَا، ثم إن فعل هكذا، فالطائفة الأولى تفارقه إذا قام إلى الثَّانِية، وتتم لنفسها على ما ذكرنا في ذات الركعتين، وإن صلى بالأولى ركعتين فيجوز أن ينتظر الثانية في التشهد الأول، ويجوز أن ينتظرهم في القيام الثالث، وأيهما أولى؟ فيه قولان:

أحدهما: أن انتظارهم في التَّشهد الأول أولى، ليدركوا معه الركعة من أولها، وينقل هذا عن "الإملاء".

وأصحهما: أن انتظارهم في القيام الثالث أولى؛ لأن القيام مبني على التطويل، والجلسة الأولى مبنية على التخفيف، ولأن في ذات الركعتين ينتظر قائماً، فكذلك هاهنا؛ لأنه إذا انتظرهم في الجلوس لا تدري الطائفة الأولى متى يقومون؟ ثم إذا انتظرهم في القيام - فهل يقرأ الفاتحة أم يصير إلى لحوق الفرقة الثانية؟ فيه الخلاف المتقدم.

وقوله في الكتاب: (فليصل بالطائفة الأولى ركعتين، وبالثانية ركعة) جواب على القول الأول، ويجوز أن يكون جزماً بأنه يفعل كذلك؛ لأن القاضي الرويان حكى طريقة جازمة به مع طرد القولين، وعلى التقديرين فلفظ: (الركعة والركعتين) معلَّمٌ بالواو.

وقوله: (فليصل) أمر استحباب وفضيلة، وليس ذلك بلازم.

وقوله: (وإن انتظرهم في القيام الثالث، فحسن) هو لفظ الشافعي -رضي الله عنه- في "المختصر"، وقد حملوه على أن الأفضل الانتظار فيه، وإذا كان كذلك فيجوز أن يعلم بالواو؛ إشارة إلى القول المنقول عن "الإملاء".

قال الغزالي: وَإِنْ كَانَ فِي صَلاَةٍ رُبَاعِيَّةٍ في الحَضَرِ فَلْيُصَلِّ بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ فَالانْتِظَارُ الثَّالِثُ زَائِدٌ عَلَى المَنْصُوصِ وَفِي تَحْرِيمِهِ قَوْلاَنِ، قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: الانْتِظَارُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ هُوَ الانْتِظَارُ الثَّانِي فِي حَقِّ الإِمَامِ فَلاَ مَنْعَ مِنْهُ.

قال الرافعي: إذا كان الخوف في السفر فسبيل الصَّلاة الرباعية أن تقصر وتُؤَدَّى


(١) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>